ضيفنا اليوم من مصر العروبة
الرّسام أحمد سليمان
أدارت اللقاء رويدة مصطفى
تقديم محمد بدارنه
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضّيوف وانت ربّ المنزل
سعدت اسرة الحياة للاطفال على صفحتها الفيسبوكيّة باستضافة الفنّان العربي المصري احمد سليمان الذي فاضت قريحته الادبيّة والفنيّة وفاضت محبّته وهو يحاور الادباء والفنّانين والمحبّين من زوّار الصّفحة، فطفح اللقاء بالودّ والتّحايا والتّهنئات والحوار الهادف المتبادل ومقايضة الافكار بين الضّيف وضيوفه، ولا يسع الحياة للاطفال إلا ان تسجلّ فيما يلي ما دار في اللّقاء وتقدّم لكل من ساهم في اللقاء باقة ورد من وردات هذا الصّباح وطاقة ودّ للزميلة رويدة مصطفى التي أدارت اللقاء بكل الحبّ وسعة الصّدر واجواء رمضان، وقريبا نحن على موعد بعد العيد مع اديب او فنّان يفلح في حقول الطّفولة،
كلّ عام وانتم بخير
محمّد بدارنه والزّميلة رويدة مصطفى
الحياة للأطفال الفلسطينيّة ترحّبُ باسمكم يا أصدقاءها بالكاتب و الرّسّام المصريّ المبدع أحمد سليمان
وتقدّم له وردة،
وندعوكم للقائه وحواره وطرح أسئلتكم عليه او إسداء بطاقات حبّكم له والسّياحة في إقليم الفنّ وفي لوحاته!
أهلا بك يا رسامنا العربي المطلّ علينا من جمهوريّة مصر العربيّة، من أمّ الدّنيا، من حيث وُلدتِ البسمة قبل أن توزّع على شعوب العالم، ومن حيث بنيت الأهرام قبل الزّمان بزمان واقيم السّد العالي وتفجّرت يوليو بناصرها وشحنت بأغاني أم كلثوم ، ومن حيث علّم المصريّون العالمَ في ميدان التّحرير معنى المليونيّة والحريّة،
وريشتك يا رسّامنا لا تجيد الرّسم الكاركاتوري الآسر فقط، إنّما تستحضر صورا تشدّ الأطفال، صورا تحمل من الإثارة ما يمنحنا التّأمل بها!
صورا تطفح بالفرح والدّعابة، وما يجعلنا نعتقد أنّها جزء من مسلسل كرتونيّ فرحٍ للاطفال.
وبعد، يا أصدقائي زوّار صفحتنا اليوم، فزميلتكم المقدسيّة رويدة مصطفى تدير اللقاء بحميميّة كما عوّدتكم،
فباسمكم وباسم الحياة للاطفال نقدّم لرسّامنا وأديبنا العربيّ المصريّ أحمد سليمان باقة حبّ وطاقة ورد ومليونيّة من الوردِ الفلسطيني!
أهلا بك أحمد سليمان وقد ولدتَ في 12 نوفمبر 1970
في المعادي، القاهرة، ولعشقك الحياة فقد وفّقك الله في اختيار زوجة صالحة وأهديتما معا للدّنيا طفلين بروحيكما وملامحكما وبشاشتكما وإطلالتكما البهيّة!
نعلمُ أنّك مدينٌ بالوفاء والشّكر لجامعة القاهرة التي خرّجتك من كليّة العلوم
وكان أحد عناوين أبحاثك: دراسة تسجيلية للنّقوش الجداريّة النّباتيّة للقاعة المعروفة "بحديقة النباتات" في معبد الكرنك، الأقصر،
ودراسة أخرى في تاريخ مصر القديمة، لغة هيروغليفية، آثار مصر القديمة،
ودراسة أخرى: "إتجاهات وأساليب كتب الأطفال المصورة"
وكما يقول الفلسطينيّون: يا هلا ورحِب بهالطّلة!
عنهم وعن صفحة الحياة للاطفال،
محمد بدارنه
رئيس تحرير الحياة للاطفال
acfa@zahav.net.il
الحياة للأطفال
صباح الخير لكم جميعاً ..صباح الخير ضيفنا العزيز ..اهلاً وسهلاً بك ..
بداية ارجو من حضرتك ان تعرّف الأصدقاء بأحمد سليمان قبل ان يصبح كاتباً ورسّاماً .. وما هو مجال دراستك ..
Ahmad Soliman
أنا حاصل على بكالوريوس العلوم، جامعة القاهرة، قسم علم الحياة. وقصة دراستي الأكاديمية قصة طريفة أما عملي في الرسم فقصة أطرف.
الحياة للأطفال
هل لك ان تُطلعنا على هذه القصّة ؟
Ahmad Soliman
بداية حسب مجموع درجاتي بالثانوية العامة، التحقت بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وبعد أسبوع من الدراسة اكتشفت أني لم أخلق لمثل هذه الكلية بحكم ميلي للتفكير العلمي، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فالمواد الإنسانية يمكن تحصيلها بالقراءة من الكتب.. أما المواد العلمية فهي تتطلب ممارسة العلم بالملاحظة والتجربة والاستنتاج. عندئذ قمت بتحويل أوراقي لكلية العلوم لألتحق بقسم الكيمياء الذي لم أطيقه لما يحفل به من مواد مجردة غير ملموسة.. فنظريات الضوء، الكيمياء العضوية والغير عضوية، ناهيك عن جرعة الرياضيات المخيفة كانت كلها كوابيس نهارية.. عندئذ قررت الالتحاق بقسم البيولوجي (علم الحياة) لعدة أسباب:
الأول هو ما يتطلبه من قدرة على "الرسم" للكائنات الحية المختلفة (نباتات حيوانات)
وثانيا لقربه من شخصيتي المتعطشة لتعريف ومعرفة ما حولي من كائنات حية دون الإنسان.
لم أشأ أن تضيع موهبتي الفطرية بمرور الزمن لذا كان استقراري في أكثر الأقسام موائمة لقدراتي. ولعل تأثير ذلك ملحوظ في كتبي للأطفال وما تحفل به في أغلب الأحوال من نباتات وحيوانات متنوعة.
قربي من الطبيعة الحية جعلني ربما أقرب لفهم التشريح والتركيب الصحيح للأجسام الحية والغير حية .. وهو ما أستفدت منه دون أن أدري في حرفتي لاحقا.
بعد التخرج (1992) قررت أن أصبح رساما.. تنقلت بين عدة مجالات مثل الديكور، والإعلان، ولم أحبهم .. وتصادف أن اشتركت في مسابقة للشباب لأقوم برسم لوحات كاريكاتورية عن مجموعة من مشكلات تلوث البيئة.. عرضت لوحاتي في معرض ومن خلاله تلقيت دعوة للعمل في مجلة "صباح الخير" المصرية المعروفة التي كانت بداية احترافي الرسم.. وكان ذلك عام 1994.
بالعمل في المجلة تعرفت على أجيال الرسامين الصحفيين المصريين من الأساتذة الكبار: أمثال إيهاب شاكر، محيي الدين اللباد، الذين كانوا بإرشاداتهم الأسبوعية نعم المعلم لتطوير فهمي لعلاقة النص بالرسم المصاحب.. تعرفت أيضا على كوكبة من الرسامين الشباب من جيلي: أمثال ياسر جعيصة، محسن رفعت، وليد طاهخر، وآخرين، وكانوا أيضا وسيلة لاكتشاف أسرار التقنيات المختلفة للتحبير والتلوين والتصميم.. كانوا أيضا منافسين شرسين وكنا نتبارى أسبوعيا على تقديم أفضل ما عندنا على صفحات المجلة لقراء.
الحياة للاطفال
انت كاتب لقصص الاطفال فقط ام تكتب للكبار ايضاً ؟
Ahmad Soliman
دخولي لمجال كتب الأطفال جاء من باب المصادفة! قرأت في الصحيفة عن إعلان يطلب رسامين لكتب الأطفال في إحدى دور النشر.. ذهبت وأعطاني مدير التحرير نصا لكي أرسمه. وبعد أسبوع أخبروني بأني لم يحالفني الحظ وأن طريقتي في الرسم لا تناسبهم..
تضايقت كثيرا فقد بذلت جهدا كبيرا في الرّسم.. لكن كما تعرفون.. الأشخاص لهم رؤى مختلفة في الحياة.. المهم.. مرّ وقت طويل وفوجئت باتّصال تليفوني من ناشر آخر (حاليّا رئيس لقناة فضائية) يطلب منّي المقابلة، وعندها أخبرني أنه بحكم صداقته بالنّاشر السّابق فقد طلب منه قائمة بأسماء الرّسامين الذين تم اختيارهم، ولما رفض بحكم أنهم يعملون عنده، طلب منه قائمة بأسماء الذين لم يتم اختيارهم، وشائت الأقدار أن تسقط رسمتي في يده ليرى فيها "قيمة" ما.. لم يراها ذلك السابق!
وهكذا بدأت الرسم للأطفال، من بوابة الكاريكاتير، وكانت البداية سلسلة من كتب التلوين (بالأبيض والأسود) بعنوان: ألوان الفواكه/الخضروات/الأرقام/الحروف الضاحكة..
بالنسبة للكتابة، فلم أبدأها إلا من سنوات قريبة.. الموضوع يبدأ بفكرة تأتي للذهن في شكل تتابع بصري، وتساعدني لغتي العربية الجيدة على اختيار ما يصلح من ألفاظ للتعبير عنها في شكل لغوي متتابع.. بعض الحكايات تأتي نتيجة ذكريات قديمة، أو مواقف معاصرة، أو تصورات مستقبلية.. اللغة هي أهم ما يحقق الترابط وينقل الرسالة.. صحيح أن الصورة بألف كلمة، وصحيح أنه يمكن التعبير عن أية قصة بصريا بدون كلمات، لكن حتى الصور في النهاية تؤدي لتوالد الكلمات عندما نطالعها.. بدون اللغة لا نستطيع أن نحس أو ندرك أو نفهم ما تعنيه هذه الصور المرئية.
بالنسبة للكتابة للكبار، أفكر حاليا في مشروع ضخم أضع فيه تصوري عن تأثير الثقافة البصرية للقصص المصورة الأمريكية المعروفة باسم الكومكس .. هو مشروع بدأته منذ سنوات ولم أنتهي منه لضخامته وموسوعيته.. هدفي أن يكون كتابا للفتيان أو البالغين من الشباب أو الكبار.
ويمكن الإطلاع على نبذة عن المشروع من خلال الرابط التالي:
وفيما عدا هذا، فكتاباتي القليلة للقصص معظمها لأطفال من الفئة السنية 4-10 سنوات، وإن كنت حاليا أجهز لكتابين للفئة السنية الأكبر (12-18 سنوات) وفيهما أستفيد من قدراتي على تبسيط العلوم والتاريخ: الأول عن الخط العربي والثاني عن الخرافات العربية.
وفي كل الأحوال، فأنا لا أجرؤ على اعتبار نفسي كاتبا (هذه منزلة شريفة).. أنا مجرد رسام عنده أفكار كثيرة يستطيع صياغتها حسب مستوى القارئ المستهدف ببساطة ويسر.
الحياة للاطفال
وهل عادة تقوم برسم قصصك التي تكتبها ؟؟
Ahmad Soliman
بالنظر إلى عدد ما نشرت من كتب فيمكن القول أني قد كتبت نصفهم.. السبب يكمن في شحة وضعف ما يعرض علي من نصوص.. وأيضا في أني أحمل هموما وأفكارا (ربما لا تشبعها النصوص الجيدة المقدمة) وأرغب في نقلها للناس في كتب.. فكتاب واحد قد يغير جيلا بأكمله.. في الفترة من عام 2008 - 2010 رفضت ثلاثة كتب اثنان منهما نالا جوائز مصرية وعربية..
لا أدري من أين تأتي أفكار كتبي.. هي فقط تأتي.. وأحيانا يتطلب الأمر سنوات طويلة لنشر كتاب أنا مؤلفه.. ربما أصبح الحال الآن أفضل بعد وصول كتابي الأخير للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد.. ويبدو أن الناشرين قد صاروا أكثر ثقة بقدرتي على الكتابة، فقد تلقيت عروضا بنشر بعض من أفكاري! بعض هذه الأفكار كتبت بشكل نهائي منذ سنوات طويلة وبعدها كتب مؤخرا كرد فعل للأحداث الأخيرة (ما قبل الثورة المصرية). المشكلة هي في الوقت وفي تركيبتي النفسية..
أنا لا أحب عمل كتاب لمجرد الحصول على أجر أو الوصول لجائزة (هذا مهين جدا في تصوري) أحب التعامل مع ناشر يؤمن بالكتاب كقيمة - لا مجرد تاكسي للوصول لمجد أدبي أو معنوي أو مادي..
Mohammed Badarni
وكنّا قد ارسلنا لك على باخرة من حيفا إلى ميناء الاسكندريّة وردة وسلاما ومحبّة، فهل أوصلها البوسطجي؟ ونودّ مقابل وردتنا أن تهدي زوّار صفحتنا اليوم صورة عن آخر لوحاتك للاطفال وتحدّثنا عن حكاية اللوحة! وقبل أن نحرّرك من قيودنا نودّ أن نسألك؟ أتسكن طفليكَ في لوحاتك! وكيف؟ مع تحيّات محمد بدارنه
Ahmad Soliman
ردا على الأستاذ محمد بدارنة (أرجو أن تكون التّهجئة صحيحة) فأنا منذ أسابيع طويلةا أعكف على كتاب بعنوان "ورقة الحياة".. هو كتاب غريب يناسب ما عندي من حب للفلسفة والدراما.. النص الأصلي كان ممتازا لكني كانت تنقصه بداية قوية تتناسب مع فكرته القوية..
ورقة شجرة تجد نفسها علامة وسط صفحات الكتب، ومن خلال التنقل من كتاب لآخر، تكبر الورقة، وتصبح بادرة، ثم فسيلة، ثم شجرة للحياة. هذه فكرة معقدة..
من هنا لزم للتعبير عنها وجود بداية مركبة.. هنا تبدأ قصة الكتاب من الغلاف الداخلي.. كل المشاهد تحولت إلى طبقات من أوراق فوق أوراق (بالمزج بين فنون الرسم والكولاج والقصة المصورة).. حتى النص هو قصاصات من أوراق.. كان أيضا لابد من التلاعب بالقارئ.. فالقصة الأصلية عبارة عن عوالم متداخلة، أو ما يسمى في الأدب "الحكايات المؤطرة"، قصة تؤدي إلى قصة تؤدي إلى قصة .. مثل ألف ليلة وليلة.. وهكذا حتى نعود في نهاية الكتاب إلى المشهد الإفتتاحي ونحن لا ندري أين بدأ الواقع أو الخيال وأين انتهيا .. هو متعة وتشويق متواصلين..
كتاب " ورقة الحياة "
هذه هي الصفحات افتاحية في كتابي الجديد "ورقة الحياة" (تأليف أميرة المرزوقي، دار العالم العربي).. وهي تعطي للمشاركين في اللقاء فكرة عن واحد من أساليبي في الرسم (تفاصيل + فلسفة + رموز ).. هنا لدينا 6 صفحات متعاقبة رسمت في صورة 3 لوحات (كل صفحتين متقابلتين لوحة).. بحيث تؤدي كل لوحة إلى ما بعدها في تتابع بصري .. النص هنا قليل وثانوي ويترك للطفل حرية قراءة الرسوم كما يحلو له (حسب فهمه)
الحياة للأطفال
نشكر الرّسام احمد أن خص الحياة للاطفال بهذه اللوحات ذات الاسلوب المحفز للتفكير والاستنباط .. ونتمنى للكتاب أن يرى النور قريباً .
Mohammed Badarni
يطلّ علينا الرّسّام احمد سليمان برسومات لكتاب سيصدر قريبا، ورغم أنّي لم اقرأ القصّة لكنّني أشعر أنّ الرسّام أحاطني بأجواء غريبة وعجيبة تجمع بين اللوحة المعبرة عن احداث القصّة وبين عالم التحليل وفهم الطلاسم والدخول في متاهات اللعبة وضرورة التّركيز في التّفاصيل كي أدرك ما حصل! الخيال الجميل خير ما يجمّل هذه اللوحات ، ولفت نظري دقّة الـتّفاصيل في اللوحات لدرجة ان هذه اللوحات ذكّرتني بمتحف مميّز للأشياء الصّغيرة جدا ، مثل كتابة اسم كامل على حبّة أرز! واسم المتحف منياتوري وموجود في مدينة براغ!
وما أشعر به اتجاه اللوحات أنّها تعكس كنوزا ثمينة وهي موجودة في كتب الفنّ والفلسفة والعلوم والريّاضيات أيام ارسطو او ايام الفراعنة! وفي هذه الحالة فهي غنيّة بالخيال وأن كان الخيال لعوالم سابقة وعتيقة! وبدأت أتخيّل الاطفال وهم يسيحون في جمال هذه اللوحات وحتما سيكون لي لقاء مباشر مع مجموعات من الاطفال لأتعلّم من الاطفال نقاط الجمال العديدة الواردة في كلّ لوحة!
كلام كبير يا أستاذ محمد أشعر أمامه بضعف الضآلة وقوة المسئولية .. أرجو أن أكون أستحقه، الكتاب مزيج بين فن الرسم والكولاج والقصص المصورة. (* ملاحظة: باستثناء النص في السطور الافتتاحية: "كانت ليلة عاصفة مظلمة غزيرة المطر ..إلخ"، فالصفحات الستة أعلاه وتصورها لم تكن مدرجة في النص الأصلي.. كانت من أقتراحي ووافق عليها كلا من الكاتب والناشر بكل طيب خاطر).. في واقع الأمر هذه أجمل علاقة صحية مررت بها مع نص ليس من تأليفي .. أن يتعانق الجميع للوصول إلى أعلى درجات الإجادة
في اللوحة الأولى نشاهد كاتبا عجوزا لا يجد من يقرأ أو يكتب.. وفي حالة من اليأس يرفس مدواة الحبر بعد أن فقد الأمل وأصابه القنوط..
يتشكّل الحبر (من الصفحة السابقة) إلى روح في ليلة عاصفة .. يهب هواء عنيف يصاحب نفخة الروح في قصاصة ورق تحمل رسما لغصن شجرة توت (بالأبيض والأسود).. تدب الحياة في بعض الأوراق (تصبح خضراء) وتمضي بعضها في مسارات تتلاعب بها الريح.. واحدة من هذه الأوراق هي بطلة قصتنا "ورقة الحياة" حيث نقرأ أول سطر في النص
في اللوحة الثالثة لا يوجد نص.. فقط عشرات الاحتمالات من قصاصات الورق التي تحمل كل منها لقطة (غير ملونة) تجمد عندها الزمن.. كل قصاصة يمكن أن تكون جزءا من حكاية تنتظر من يحكيها أو يلج في أحداثها .. ورقتنا تطير في مسار متخبط بين هذه القصصات (يحركها القضاء والقدر).. المسار يتصل وينفصل.. ينحني ويستقيم.. يتوقف ويمضي.. كلها احتملات للحياة..
في اللوحة التالية ستسقط ورقتنا في قصاصة أخرى مرسومة (غير ملونة) هي أول مشاهد القصة حيث يبدأ الكتاب فعليا.. لتصبح مشاهده ملونة بعد ذلك..
Hadeel Nashif
مشوق مبدع ثري ومدهش!!
Ahmad Soliman
لاحظي جامع القمامة في أقصى اليسار من الأسفل .. لطالما أدهشتني هذه الشخصية!
Hadeel Nashif
هذا التشبث العنيد والاطباق المحكم لقبضتي اليدين على عصا المكنسة يستحق وقفة تأمل وخصوصا تحت وطأة النظرة المستسلمة للعينين . في المزيج النهائي رفض وقبول وصراع بينهما. من الصعب ان يستسلم المء لقدر كهذا: ان ينظف أبدا ما يلوثه الاخرون!!!
Ahmad Soliman
فعلا كل هذا مقصود.. لاحظي القرف من علبة الصفيحة كنوع من القمامة المختلف عما يجمع
Ahmad Soliman
هناك أيضا بعض الأشكال المستحيلة هل لاحظتِ عدد أقدام الفيل والشاب ينظر لنفسه في عالمين متوازيين؟
هناك أيضا المتاهة ذات الثقب الأسود يدخل فيه مسار الورقة ليخرج من مكان مغاير
Hadeel Nashif
رأيت به منتهى التشويق. فكل الأماكن الاخرى تعدك بما تحمله اليك. قد تشكل نحوها توقعاتك بينما انت اليها تسرع الخطى. أما هذا الثقب الاسود ففي اختياره مجازفة وتذكرة نحو المجهول. تذهب اليه مجردا من اي توقعات. يحتاج الامر الى قدر كبير من البسالة!!
الحياة للاطفال
احدى رسوماتك ..اتخذتها صورة لملفك على الفيسبوك ..ماذا تعني لك هذه الصورة ؟؟
Ahmad Soliman
احتفاظي بصورة البروفايل (الولد العفريت الشقي) تكمن في كونها صورة الشخص الذي كنته يوما .. والذي أتمنى أن أكونه (أو أعود إليه).. غيرتها مرة واحدة (مربع أسود) لأني كنت أعلن عن وفاة ابن أحد أصدقائي ووجدتها طبعا غير مناسبة.. في حياتي لا يوجد شيء عشوائي .. كل شيء وراءه معنى (أو أحاول أن يكون له معنى) .. رسومي .. كتبي .. ملابسي .. كلامي .. أنا لا أغير أشيائي بسهولة وإذا كان عندي خاتم أحب أن أنقش عليه كلمة "الولاء".
الحياة للأطفال
لأي مدارس الرسم تتبع في اسلوبك .. ومن من رسامي العالم تُفضل ؟؟
Ahmad Soliman
سؤال صعب.. أنا أرسم بأساليب متعددة.. بالنسبة لي المحرك هو النص وموضوع الكتاب والفئة السنية المستهدفة.. قال لي أحد أصدقائي من الفنانين أنه قد أنعم الله علي بعدم الحصول على أية شكل من الدراسات الأكاديمية وأن هذا سبب رئيسي لعدم تأثري بأحد.. في حقيقة الأمر أنا أترك لنفسي العنان في بداية كل كتاب.. الورق هو مجهول عظيم وفكرة مرعبة.. كيف يمكن أن يتحول هذا البياض إلى تفاصيل تنبض بالحياة.. كيف أذهب للخيال ثم أعود.. أنا أتقمص كتبي وغالبا ما أظل أسيرا لها لفترة طويلة.. لكن إن أردت شيئا يلخص أسلوبي (وليس تقنيتي) فيمكن القول أنها معادلة: التفاصيل + الفلسفة + الرموز. أحب صناعة كتب لها ثلاثة مستويات من الاستيعاب (مثلما يعمل العقل البشري): في المستوى الأول يراها القارئ البسيط بالحواس ؛ مجرد رسوم تعبر عن كلمات مصاحبة، في المستوى الثاني (الأعلى) يدرك القارئ الأكثر ذكاء ما فيها من معان متضمنة (موازية للنص) بتشغيل الذهن، وفي المستوى الثالث (الأعلى) يفهم القارئ الأكثر تفكيرا ما فيها من رموز مستترة بربطها بخبراته الماضية أو الحاضرة أو ربما المستقبلية. بالنسبة لأية رسام أفضل: فعلى المستوى المصري أحب ثلاثة: هاني المصري (لفخامته)، عدلي رزق الله (لتلخيصه) إيهاب شاكر (لشاعريته).. عالميا أحب رساما أمريكيا اسمه "ديفيد ويزنر" (David Wiesner) وأعتبره واحد من القلائل القادرين على فن الحكاية البصري "الخيالية" للأطفال بدون كلمات.. أحب أيضا الأسترالي "شاون تان (Shaun Tan) لغرابة لوحاته وسرياليته.. لا أحب ما استشرى مؤخرا في أوروبا الغربية من أعمال مظلمة ومقبضة (رغم حرفيتها الشديدة)، وما ينتشر فيها من إسقاطات لمزاجية متشائمة وسوداوية ومتجهمة.. الغريب أن هذه الأعمال تلقى حفاوة النقاد وتحقق أرباحا في المبيعات.. لا أدري قد يكون هذا نوع من الغربة في مجتمعاتهم..
عربيا أحب مشاهدة أعمال ريم العسكري، فيها شيئ أود أن أتعلمه.. أيضا لدينا من الشام الأستاذة لجينة الأصيل وصفاء نبعة (رغم أن الأخيرة مقلة في أعمالها).
Malek Chouayakh
تحيّتي سي أحمد أودّ أن أسأل سؤالا عن الرّسوم التي تنجزها لكتب الأطفال مهما كانت الفئة العمريّة هل يترك لك مجال للإبداع وتقرأ النصّ في رسومك بكامل الحريّة أم أنّ المؤلّف أو الناشر يبدي ملاحظات وتوجيهات ويطلب مواصفات محدّدة في ما ينجز ؟
Ahmad Soliman
ردا على الأستاذ مالك شويخ: عن العلاقة بين الرسام والمؤلف والناشر.. في كتاب الطفل المرسوم أحب شكل المثلث.. فيه ضلعان (كاتب + رسام) يستندان على قاعدة (ناشر) في اتجاهما نحو القمة.. الناشر الواعي هو من يجيد اختيار النص الجيد ثم اختيار الرسام المناسب لهذا النص الجيد. وبطبيعة الحال، وبحكم أنه هو من سيغامر بماله (ويدفع لهذا ويدفع لذاك) هنا تظهر شعرة معاوية.. كيف تختار الإنتاج (دون سقوط بغفلة) وكيف تبيع المنتج (دون سعي لإسفاف).. أعتقد أننا لا زلنا نفتقد لجهاز التسويق المتخصص في كتب الأطفال، أغلب الناشرين حديثي عهد بالمهنة ومعظمهم اندفع للمجال بحثا عن سد خانة على رفوف أو طموحا لجائزة وتكريم.. لذلك ستسمع دوما من معظم الناشرين (بشكل مباشر أو غير مباشر) من يشعرك بالفضل كونه قد تفضل وقبل نصك أو رسمك في مغامرة لانتاج كتاب طفل عربي يخسر.
بعد موافقتي على رسم نص من النصوص، أعمل على ثلاثة مراحل: في المرحلة الأولى أقوم بإعادة قراءة النص النهائي عدة مرات كنوع من التهيئة النفسية استعدادا لتقمص روح الكتاب (من ناحية) ، وعمل العديد من المخربشات والرسوم التخطيطية للمفاضلة بين مجموعة خيارات تتعلق بأسلوب الرسم ، وخامة التنفيذ (من الناحية الأخرى) . يصاحب ذلك أيضا القيام ببعض البحث في مراجع خارجية للإلمام ببعض التفاصيل التي تتطلبها بعض اللوحات . وتنتهي المرحلة الأولى بعمل نسخة تخطيطية من الكتاب (dummy-book) ؛ وهي عبارة عن نماذج مصغرة من صفحات الكتاب (thumbnails) ، متقابلة (* ترص كل صفحتين متقابلتين أمام بعضهما) ومصفوفة (* ترص الصفحات المتقابلة مرقمة من اليمين إلى اليسار ومن أعلى إلى أسفل) ، بداية من الصفحة الأولى (المقابلة لبطن الغلاف الأمامي) وحتى الصفحة الأخيرة (المقابلة لبطن الغلاف الخلفي) . هذه مرحلة بنائية وهيكلية في حياة أي كتاب مصور للأطفال (لكل من الرسام ، والكاتب ، والناشر) لعدة أسباب :
1- إتاحة الفرصة لـ "قص" النص الأصلي إلى جمل وفقرات ، ثم أعادة توزيعه على صفحات الكتاب المرقمة (pagination) ، وفق تصاريف عديدة ، ومن ثم الاستقرار النهائي على عدد صفحات الكتاب حسب المقاس المتفق عليه .
2- استعراض تطور القصة في تتابعها الدرامي والبصري عبر صفحات الكتاب (storyboard)، في حيز مكاني واحد ، بما يتسق مع تسلسل الأحداث وإيقاع السرد ، من البداية مرورا بالذروة وحتى النهاية .
3- دراسة الكتاب باعتباره تتابع من صفحتين متقابلتين (spreadsheets) ، وهو ما يتيح تنسيق العلاقات الجمالية في كل صفحة والصفحة المقابلة لها ، ثم تحقيق الترابط بينهما وبين الصفحات السابقة والتالية .
4- عمل تصور بصري للإخراج الفني (layout) الأمثل للكتاب ، بما يحقق التوازن في العلاقة بين الكلمات والصور في كل صفحة ، وبما يضيف عنصر التشويق إلى التتابع في كل الصفحات .
بعد انتهاء المرحلة الأولى ، ترسل نسخة من هذا النموذج التخطيطي لكل من الناشر والمؤلف لإبداء الرأي أوعمل أية تعديلات (إذا لزم الأمر) بشأن توزيع الكتابة ، أو تكوين اللوحات ، أو علاقة النص والرسوم ، أو تتابع السرد والتصوير .
بعد موافقة المؤلف والناشر بشأن النسخة التخطيطية "النهائية" ، ننتقل بعدها إلى المرحلة الثانية التي يتم فيها تنفيذ رسوم نهائية بالرصاص لكل لوحات الكتاب بكافة عناصرها وتفاصيلها (pencil-book) ، بناء على النماذج المصغرة السابقة ، ولكن بمقياس رسم مكبر يتناسب مع قياس الكتاب المطبوع لاحقا . ترسل نسخة من هذا النموذج المرسوم "مرة أخرى" لكل من الناشر والمؤلف لإبداء الرأي أوعمل أية تعديلات (إذا لزم الأمر) . من مزايا هذه المرحلة أنها تتيح فحص محتوى اللوحات شبه النهائية "بدقة" للتأكد من مدى اتساقها مع رؤية المؤلف للنص والناشر للكتاب ، وعدم وقوعها في أية أخطاء (فنية، أو تربوية، أو دينية، أو اجتماعية، أو تسويقية.. إلخ) قد تنشأ نتيجة لتحول الكتابة المقروءة إلى الصورة المرئية . من ناحية أخرى يمكن للناشر استخدام هذه النسخة المرسومة (على التوازي) للشروع في عمل تجهيزاته الفنية الخاصة بالكتاب المطبوع (مثل اختيار نوع ومقاس الخط المناسب، تصميم الكتاب، مواصفات الورق، نوعية الغلاف) .
بعد الحصول على موافقة المؤلف والناشر بشأن النسخة المرسومة "النّهائية" ، يصبح الطريق ممهدا للانتقال بهدوء إلى المرحلة الثالثة والأخيرة ، وفيها يتم تنفيذ لوحات ملونة ما هي سوى نسخة من نفس اللوحات السابقة المرسومة بالرّصاص ، وتنتهي بالتسليم للناشر .
وفي كل الأحوال ورغم هذه المرونة الشديدة في التعامل إلا أني لا أحب إملاء من أحد (صيغة أفعل كذا ولا تفعل كذا)، فالأصل في المهنة هو حرية الخيال
Reem Al Askari
أشكرك أحمد .. ما هو الشّيء الذي تحبّه برسومي؟ لو حصرته بكلمة "ايش" يكون؟ لأنّي في الآونة الاخيرة لست راضية عن شغلي واشعر أنّي محتجزة به وأني لم اصل للمرحلة التى أود أن أكون بها مع توليفة اللوحة لذلك قد يساعدني رأيك بأن أمسك الايجابيات وأحصر السلبيات التى أود تغييرها بأسلوبي ...... وانا عندي اشياء أود أن أتعلمها منك
Ahmad Soliman
لا أنسى كتاب القنفذ !
طبعا من الصعب تكوين تصور كامل عن رسوم رسام بدون مشاهدة الكتاب كاملا وقراءة النص لكن عموما أحب رسوم الأطفال التي تتسق فيها تقنية التنفيذ مع وحدة الفكرة..
أحب في رسومك ذلك الإحساس الطاغي بالتفاؤل.. أيضا أحب تكوينات لوحاتك محكمة ومتزنة
Reem Al Askari
أشكرك .. كتاب القنفذ من الكتب التى أحبها لأنه كان طوعا معي بتقنية الكولاج .. سأرسل لك رسوم الكتاب وساكون سعيدة لو تعطيني بريدك لأرسل لك بعضا من الكتب التى أحب
Ahmad Soliman
هذا شيئ جميل ترسلي لي كتبك وأرسل لكي نسخا من كتبي.. أنا أتعلم منك وأرجو أن تجدي عندي ما يمكن تعلمه .. تحيا الصداقة الفنية..
عالية).. وما ينتشر فيها من إسقاطات لمزاجية متشائمة وسوداوية وتجهم .. الغريب أن هذه الأعمال تلقى حفاوة النقاد وتحقق أرباحا في المبيعات.. لا أدري قد يكون هذا نوع من الغربة فقي مجتمعاتهم..
عربيا أحب مشاهدة أعمال ريم العسكري، فيها شيئ أود أن أتعلمه.. أيضا لدينا من الشام الأستاذة لجينة الأصيل وصفاء نبعة (رغم أن الأخيرة مقلة في أعمالها)..
ليس المطلوب من كتب الأطفال أن تحول الطفل إلى شخصية داجنة تنتظر من يعطيها الحبوب في العش.. وليس مطلوبا أيضا أن تعطي لهم صورة قاتمة عن حياة ربما تكون أكثر قتامة.. هنا تأتي وعي وحرفية الكاتب ومعه الرسام والناشر في نقل كل الأفكار بحسب تصور ثلاثتهم عن متطلبات الطفولة والطفل في مجتمعهم (زمانا ومكانا).. النص يا عزيزي هو الأصل.. والكتابة هي كتابة لا فرق بين صغير وكبير اللهم إلا في اللغة وبناء الجمل.
Hadeel Nashif
صباحكم فكر وتشويق وفرح. تحية للرسام والكاتب المتميز أحمد سليمان وللأصدقاء مجلة الحياة للأطفال. قصتك "حنجي بنجي بلدي إفرنجي"، من أجمل ما قرأت في أدب الأطفال فكرة ونصًا ورسما، هلا حدثتنا حول ميلادها!!!
Ahmad Soliman
ردا على الصديقة هديل ناشف.. من أين جاءت قصة حنجي بنجي.. فلها قصة مضحكة ربما أدعوها لقراءة هذا المقال الذي أشعل شرارة الفكرة.. الإحساس بالدونية لمجرد أني محلي أو عربي..
حكاية "مستر" إبراهيم مدرس التاريخ
طبعا غذت الفكرة ملايين المشاهدات.. أردت أن أقول ببساطة أنه لا أحد أفضل من أحد.. كلنا نستحق الحياة .. وكلنا نساهم بالخير أو الشر.. وكلنا نموت في النهاية شئنا أم أبينا رضينا أم لم نرضَ. كتاب حنجي بنجي كتب كاملا في عام 2001، رفضه ثلاثة ناشرون، اختمرت فكرته عبر عشرة سنوات، نضج ونشر في 2010 ، رشح للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد في أدب الأطفال في عام 2012، ولم يحالفه الحظ في الفوز.
الأستاذ أحمد.. ما هي معوقات الإنتاج بالنسبة لك وكيف تتغلب عليها؟
Ahmad Soliman
مرحبا أستاذ مهدي سعيد بالتواصل معك
صعوبات الإنتاج.. أه من الإنتاج..
على المستوى الشخصي، فمن المؤسف أن أقول أن هذا الحب "الجم" وهذا الحلم "المستحوذ" لكتب الأطفال تحديدا لم يثمرا حتى وقتنا الحاضر سوى القليل من الأعمال المنشورة على مدى السنوات الماضية (1995-2012)، رغم أني تعاملت مع كبرى دور النشر في مصر. الأسباب كثيرة.. ربما لأني أرفض ما يعرضونه من نصوص ركيكة أو مستهلكة (وهو الشائع) بحيث صار اسمي مرتبطا بفن الاعتذار .. وربما لأني لا أتناسب مع جداولهم الزمنية في الإنتاج التجاري السريع (لرغبتي في الوصول للإتقان، يستغرق الكتاب الواحد مني 1-4 أشهر وأحيانا أكثر) بحيث صرت قرينا للبطء .. وربما لأني أناقش معهم بنود العقود المبرمة بحثا عن أية حقوق بسيطة تجعلني أشعر "ولو قليلا" أني لا أبيع نفسي (مثلا أنا أستعيد اللوحات الأصلية ولا أتركها للناشر) بحيث ترسخت فكرة ذهنية عن كوني صعب المراس حاد الطباع .. وربما بسبب الأجر (البعض يرغب في شراء الذهب بسعر الفول السوداني) بحيث يساوم البعض كيف لـ "صغير" مثلي أن يتقاضى أجر "الكبار" أحيانا، أو يتحجج البعض بأن كتب الأطفال لا تربح فيكون ردي حسنا ولماذا تنتجها؟؟ ناهيك بطبيعة الحال عن هرولة معظم الناشرين المصريين وراء شراء حقوق ملكية الكتب الأجنبية من المعارض الدولية، بينما يزهدون في أية أفكار لكتب يمكن صناعتها محليا على اعتبار أنهم يخسرون..! وهو ما جعل كتب الأطفال المصرية في
السنوات الأخيرة إما متجمدة أو متعثرة.
من النادر أن تجد هنا (في مصر) ذلك الناشر صاحب المشروع الحضاري. وللأسف يتعامل معظم الناشرين هنا مع كتب الأطفال بكونها "سَـبّوبَة" (كما نقول نحن المصريون هنا عن أية سبب مفبرك يهدف للربح السريع). بالطبع قد لا يعاني المؤلفين من جملة هذه المشكلات وربما يكونون أسعد حظا في نشر أعمالهم، لكني بالنسبة لي كرسام ("صنايعي" يشتري مواد خام أولية ليصنع منها لوحات فنية) فالوضع مختلف، وهو يرتبط بغلاء أسعار الأدوات الفنية المستوردة، وبالتالي تكلفة صناعة الرسوم اليدوية (أنا لا أستعمل الكمبيوتر في الرسم أو التلوين)، كما يرتبط بالرغبة في حياة أقل ما توصف بكونها كريمة.
ولكي أضرب لكم مثلا عن قسوة الحياة تخيلوا أنه من المطلوب لك كرسام أن ترسم لوحة تقضي فيها 3-5 أيام مقابل 150 جنيها مصريا (= 25$) وكتاب من 32 صفحة مقابل 3000-4000 جنيها مصريا (= 750$) ويطلبون منك خيالا وإتقانا وتفانيا وعزما وبأسا وإبداعا..
يقيمون أفراحا لأبنائهم في أفخم قاعات الفنادق، يغني فيها أغلى المطربين، وتجلب لها أشهى الأطعمة، فتتكلف مئات الألاف من الجنيهات تدفع في ليلة واحدة ويأتون عند كتاب أمضيت في رسمه ثلاثة أشهر ليقولوا لك أنهم يخسرون.. والله لولا حبي لهذه المهنة وما تحققه لي من متعة ذاتية وعدم معرفتي أو قدرتي على شغل عمل آخر، ولولا أن عندي وظيفة حكومية تعطيني الحد المقبول من الحيا الكريمة لهجرت كتب الأطفال والأطفال منذ سنوات.. أنا أخسر على مستوى الصحة والنظر والجهد والمال .. لكني أربح ربما سعادتي برسم ما أريد وأعجاب طفل "ربما" يوما بما رسمت.
عندي كرسيان خشبيان للرسم: طلبت من نجار أن يحفر عليهما بالخط الكوفي ما يلي: الأول "الآثار من نتائج الهمم" والثاني: "ظالم الحسن شهي الكبرياء".. هذا أنا باختصار.
Eiad Mdah
أستاذ أحمد، سؤالي ربما هو عام وهو رأيك بالكتابة عن الموت والحزن والعنف للأطفال ولا أقصد تقديم ذلك بالشكل الفظ والقاسي للكلمة انما تقديم هذه الأشكال الحياتية للأطفال، ألاحظ في أدب الأطفال المترجم أنه لا توجد تلك التابوهات الموجودة في أدب الأطفال
فكرة كتب الأطفال بمفهومنا المعاصر فكرة "مختلقة" والطفولة أيضا فكرة "مختلقة" .. في الماضي كانت أوروبا وحتى القرن السابع عشر لا تعترف بالطفل، وتعتبره كبيرا في جسم صغير يجب تهذيبه وتوجيهه وتقويمه ليكون جنتلمان.. المسيحية تنظر للإنسان بكونه يولد على الخطيئة وهدفه (كمؤمن) في الحياة أن يسعى للخلاص بالبراءة..
لا، لا يوجد تشابه الا أن كل الأطفال يكرهون الحروب ويحبون مداعبة القطط، ان لم يزرع أهلهم فيهم الخوف من الحيوانات، ويحبون ان يعيشوا حياة تكون حديقة أحلامهم، أقصد لديهم الاستعداد، المهم كيف تساعد القصة بفتح الواقع أمامهم وليس تجميله... عذرا على المقاطعة
رأيت فيلما لا أذكر اسمه للطفل "ماكولاي ماكولكين" (ممثل فيلم وحدي في المنزل).. في هذا الفيلم هو واحد من ثلاثة أخوة (ولدين وبنت) هذا الولد يغار من حب أمه لأخوته فيتآمر على قتل الطفلة الصغيرة ثم الأخ الأكبر.. في نهاية الفيلم يحدث صراع بين ثلاثة: الأم والإبن الأكبر والإبن الأصغر ويسقط الولدان من على حافة جرف ليتعلقا بيد الأم التي كان عليها أن تختار بين واحد من اثنين: الإبن البريء والإبن المجرم.. فتترك الثاني يسقط في الجرف العميق غير آسفة عليه.. هذا مفهوم للبراءة..
سؤال مهم يا صديقي إياد.. وعلى فكرة حتى القسوة والعنف هناك نماذج ناجحة لتقديمها في كتب الأطفال.. دعني أقول لك شيئا.. هناك فرق بين مفهوم الطفولة (كمرحلة) والطفل (كذات) ويختلف كلا المفهومين من مجتمع لآخر ومن زمان لآخر..
ولكي أشرح لك ما أقصد هل يمكن أن يكون ثمة تشابه بين متطلبات طفل يعيش يوميا تحت قصف النيران أو يعيش في البداوة مع ذلك الذي يداعب قطا سياميا أو يذهب لحضانة أجنبية.. طبعا لا
ليس المطلوب من كتب الأطفال أن تحول الطفل إلى شخصية داجنة تنتظر من يعطيها الحبوب في العش.. وليس مطلوبا أيضا أن تعطي لهم صورة قاتمة عن حياة ربما تكون أكثر قتامة.. هنا تأتي وعي وحرفية الكاتب ومعه الرسام والناشر في نقل كل الأفكار بحسب تصور ثلاثتهم عن متطلبات الطفولة والطفل في مجتمعهم (زمانا ومكانا).. النص يا عزيزي هو الأصل.. والكتابة هي كتابة لا فرق بين صغير وكبير اللهم إلا في اللغة وبناء الجمل.
إذا قرأت مذكرات هانز كريستيان أندرسون (الذي يعتبر واحد من أفضل كتاب الأطفال في التاريخ) ستعرف كم كان شخصا حزينا مكتئبا يكتب قصصا لانتزاع الاعتراف الاجتماعي بقدراته ككاتب مسرحي .. كان يعتبر قصة مثل البطة القبيحة أساسا عملا موجه للكبار وفوجئ
أعظم قصص الأطفال في العالم لم تكتب أساسا والطفل في الذهن؟
سندريلا (في نسختها الأوروبية) تحفل بالدلالات الجنسية وكذلك ليلى والذئب؟؟
Eiad Mdah
أتفق معك تماما، شكرا على الاجابة. واتمنى أن أقرأ يوما خبرا مفاده أن المبدع أحمد سليمان افتتح دار نشر خاصة به. :)
محمّد بدارنه رئيس تحرير الحياة للاطفال مجلّة وموقعا يرحّب بك من جديد ويشدّ على ايادي المصريّين لمزيد من الفوز في كرة القدم، وأودّ أن أطرح عليكَ السؤالين التّاليين:
سرّني وافرحني وأسعد الكثير من الاطفال ان نشاهد بين لوحاتك لوحاتٍ غير مؤطّرة بل شبه مجسّمة وآفاقها مفتوحة وكأنّها تمتدّ خارج الصّفحة كاللوحة التّالية:
كيفَ ولدَ هذا الأسلوب عندك وهل من رسّام تأثّرت به!
2- أيّهما يجذب الطّفل أكثر: الوجه الباسم أم الوجه العابس والغاضب؟ أم أنّ التعبير الصّادق هو المقرّر في اهتمام وجذب الاطفال؟
Ahmad Soliman
هذا الأسلوب كان وليد الصدفة (عام 2006) لم أخطط له وجاء عفويا بحكم الإحساس بالفكرة .. وأود أن أرسم به مرة أخرى لولا النصوص الجادة الرصينة..
كنت أعمل في مجلة للأطفال ما قبل المدرسة، وطلبت مني الأستاذة فاطمة المعدول أن أرسم شيئا على الغلاف الخلفي "حاجة كدة دمها خفيف مش كومبلكس زي اللي انت بتعمله"..
لم أعرف ماذا أصنع .. عدت للمنزل وتخيلت نفسي طفلا في حضانة وما هي الأفكار التي يمكن أن تشغلني ..
قررت أن أكتب يوميات بحيث يكون في كل عدد لقطة من حياة طفل صغير .. تذكرت أفكاري في سن الرابعة والخامسة وقارنتها بأطفال آخرين في نفس السن فبدأت الأفكار تنهمر..
الحياة للاطفال
هل تشتاق لطفولتك ؟؟
سؤال لم أفكر فيه.. الطفولة محطة من محطات الحياة.. أشتاق لطفولتي مثلما أشتاق لصباي.. وأشتاق لفتوتي.. وأشتاق لشبابي.. كلها لقطات متتابعة في صفحات كتاب لم أصل فيه بعد لصفحة الغلاف الأخير.. وبدون رسوم كل صفحة لا يمكن إدراك مغزى الكتاب ككل!
الحياة للاطفال
وهل كنت تمارس هواية الرسم او بدت عليك مظاهر الموهبة ؟
Ahmad Soliman
نعم أذكر رسومي وأنا صغير ولا زلت أحتفظ ببعضها الذي يعود لسن سبعة سنوات.. ولولا أن من الله علي بأب يقدر ما أصنع من مخربشات مختلفة ويشتري الكتب وعلب الألوان، ولولا أم تدفعني دفعا للتميز والاختلاف عن أقراني لما أصبحت ما أنا عليه.. أذكر أول جائزة لي وأنا طفل لم يتجاوز السادسة كانت "أباجورة" عليها تمثال صغير لكتكوت يقف أسفل عمود إنارة على كتاب .. كانت جائزة أولى في مسابقة لرسوم الأطفال الصغار في معرض للكتاب بدولة الكويت.. لا تزال اللقطة القديمة محفوظة في أرشيف الذاكرة بشكل طازج.. جسد نحيل يخترق صفوف الكبار لبصعد على منصة ويستلم جائزة.. الميكروفون ينادي "الطفل أحمد سليمان الطفل أحمد سليمان".. الناس تتطلع من مستوى فوقي بينما أتجاوز الأجساد المحتشدة من أولياء الأمور في الأسفل.. فوقي وتحتي .. كتكوت وعمود .. مصباح وكتاب هذا هو ما تبقى بعد طول سنين.
الحياة للاطفال
ما هو الموقف الطفولي المشاكس الذي لا يغيب عن مخيلة الفنان احمد ؟؟
Ahmad Soliman
لا أنسى طفولتي في دولة الكويت وسكني في عمارة في حي سكني يضم أطفالا من مختلف أرجاء الوطن العربي.. في سن 10 سنوات أذكر أننا كونا فريقا لكرة القدم أسميناه "الأخوة العرب" .. كان هناك خالد من السودان، معن وغسان من فلسطين، محمود من الأردن، يوسف من لبنان، عبد الحميد من اليمن، صالح من العراق.. وأنا من مصر.. خضنا معا الكثير من المنافسات في شتى الألعاب.. اشتبكنا وتعاركنا مع الصبية الآخرين المشاكسين، وحاولنا لفت انتباه فتيات جميلات من العمارات المجاورة .. دخلنا بيوت بعضنا وأكلنا أطعمة عربية المذاق لا يزال ربما طعمها في فمنا، وتناقشنا في من الأفضل "مازنجر" أم غرندايزر" .. وفجأة انفرط العقد، وتبعثرت حباته وفرقتنا الأيام.. الوحيد الذي بقى هو معن (طبيب يعيش في أمريكا) .. حقا.. التنوع جميل والفردية مؤلمة
الحياة للاطفال
هل هناك ما هو مشترك بين طفولتك وطفولة اطفالك !
Ahmad Soliman
ربما لم تتضح الصورة بعد.. أنا حديث الزواج وأكبر أبنائي هو بنت اسمها روعة (اسم منتشر في سوريا) عمرها فقط 3 سنوات، ثم "فؤاد" 8 شهور.. لكن أذكر قول الإمام علي (كرم الله وجهه): "ربوا أولادكم على غير ما ربيتم عليه فقد خلقوا لزمان غير زمانكم"!
حيدر غازي سلمان
تحيّة للفنان الرائع أحمد سليمان.. وله وللحياة للأطفال وردة فواحة من ضفاف دجلة.
قد يجد الفنّان في النص موضوعاً جاهزاً ليستلَّ منه لوحته، قلّة منهم من يخرج خارج أطار النص ويبحث عن صورة غير متكررة أو بعبارة ثانية ما لم يقله النص، كيف تجد نفسك أمام النص كفنان؟
Ahmad Soliman
الشاعر اللطيف/ حيدر غازي سلمان، عندما يأتيني نص لكتاب لابد أن تعمل القراءة الأولى معي فعل الشرارة: وميض خاطف يتبعه اشتعال.. وهذا نادر جدا. أتحدث هنا عن نص "مثالي" من كل العوامل: فكرة، لغة، تناول، أسلوب، شخصيات.. إلخ .. أتحدث هنا عن الكتابة المصنفة "أدب".. كل الناس تكتب ولكن قليل هو من يكتب أدبا للأطفال. طبعا لا يشترط دوما أن تكون هذه العوامل مثالية أو متكاملة.. غالبا ما تكون الفكرة جيدة لكن تناولها ضعيف، أو الأحداث شيقة لكن الشخصيات مسطحة.. إلخ هنا أعيد القراءة مرات ومرات ربما أجد وسيلة ما يمكن من خلالها للرسوم أن تعوض ذلك النقص.. هنا لابد من وجود ثمة علاقة طيبة تجمع بين الكاتب والرسام بهدف الوصول للتكامل وصناعة كتاب جيد .. أحيانا يكون الكاتب على درجة كبيرة من التعاون فتنجح العلاقة، أو عن طريق الناشر الذي يلعب دور الوسيط .. وأحيانا تفشل حالة ما تعامل الكاتب مع النص باعتباره إلهي ومقدس. في حالة تعذر التواصل مع المؤلف أو النصوص المقدسة أعتذر ولا أعمل في الكتاب.
من المهم أيضا أن يتعانق النص والرسوم في تكامل رغم أن كلا منهما يسير في طريقين متوازيين.. بمعنى أن يفعل كل من الكلمات والرسوم فعله في مخيلة القارئ.. أن تثير الكلمات صورا بصرية، وأن تثير الرسوم كلمات لغوية. هذا هو أكثر كتب الأطفال نجاحا كما يقول الخبراء.
فيما يتعلق باختلافي عن أقراني في مهنة كتابة ورسم كتب الأطفال، وهو أمر يدركه لحظيا كل من تعاملت معهم من الناشرين، فذلك يرجع إلى ثلاثة عوامل: أولها خصالي الشخصية المولعة بالتفاصيل، والمتطلعة للكمال، والمنشغلة بالتأمل. وثانيها إخلاصي الكامل لمهنة كتب الأطفال، كتابة ورسما ؛ كأداة لاكتشاف الذات، وترسيخ الهوية، وتنوير المجتمع. أما ثالثها فيأتي نتيجة لدراستي للعلوم البيولوجية، وتخصصي في مجال "تصنيف النباتات" (plant taxonomy)، وهو ما أكسبني تركيبة معقدة من: الأمانة والأصالة + التحقيق والتدقيق + المنهجية والمرجعية. وفي المجمل، وبحكم مقولة "رحم الله امرئ عرف قدر نفسه"، فأنا أعتبر نفسي مجرد مساهم ومجتهد.. يخطئ (قليلا) ويصيب (أحيانا).لا تزال كتب أطفال العرب في حاجة للكثير من التجارب والتجريب، خاصة تلك التي تتناول موضوعات غير نمطية، أو تلك التي تتطرق لموضوعات شائكة: دينيا / سياسيا / اجتماعيا. وأتصور أيضا أن كتب الأطفال تحتاج إلى ذلك الناشر الواعي، صاحب المشروع الحضاري (* أنظر على سبيل المثال تجربة دار الفتى العربي في الثمانينات). إن أسوأ ما قد يشعر به المرء في حياته هو أن تكون الطاقة معطلة، أو أن تكون الأفكار مجرد هباء منثور. أقول هذا بسبب ما استشرى بين ناشري كتب الأطفال المصريين، وربما العرب، من اهتمام محموم بترجمة كتب الأطفال الأجنبية، وتخاذل مذموم عن تبني مشروع ثقافي متكامل للإنتاج (تأليفا ورسما) باللغة العربية. لغتنا وثقافتنا وحضارتنا غيرت وجه العالم في يوم من الأيام، ومع شديد الأسف فسوق صناعة كتاب الطفل العربي إما "متجمد" أو "متعثر" لأسباب كثيرة.
أحب أن أوضح أن تطلعي للمثالية لا يعني أني من تلك النوعية من المثقفين المتحزلقين "المنفصمين عن الحياة"! وديننا يدعونا أن نحرص على ما ينفعنا وأن نستعن بالله ولا نعجز (حديث شريف). وفي الواقع، وشئنا أم أبينا، يبقى النشر (مثل كل الأشياء النبيلة) مهنة حرفية وتجارية تهدف للربح، ويبقى الكتاب سلعة (لها مدخلات ولها مخرجات) تبحث عن مشتري. لذا فإلى جانب تلك المثالية يوجد إيمان راسخ بحق الناشر الكامل في الربح. لأنه إذا لم يربح الناشر لتوقف، ولو توقف الناشر لتوقفت صناعة الكتب، ولتوقفت أنا في النهاية. أن حريص على ربح الناشر بقدر حرصي على ربحي، لأن خسارة الناشر هي خسارة للمؤلف وللرسام في عمل مزيد من الكتب، والعكس صحيح. ما كنت أعنيه هو أن نحاول قدر استطاعتنا أن نضبط ذلك التوازن الدقيق بين "الحق" في الربح في مقابل "الواجب" في الرسالة.
عيون الليل ..عنوان لكتاب ام سلسلة كتب ..تتحدث عن هموم الأطفال
ومشاكلهم ...
هل الرسومات اغنت النص بايصال الفكرة المنشودة منه ..
وهل تناقشت مع الكاتبة لينا كيلاني عن الرسومات ام انك اخذت النص ورسمت حسب رؤيتك له ؟
Ahmad Soliman
"عيون الليل: أطفال في خطر" هو عنوان لكتاب من تأليف "لينا الكيلاني" (سوريا)، ومن إنتاج "الدار العربية للكتاب" (بيروت-القاهرة).أذكر أنني بعد الانتهاء من الرسوم تلقيت اتصالا من الناشر يطلب فيه عقد اجتماع مع المؤلفة التي أشادت بمستوى الرسوم وقالت حرفيا : "أنني رسمت ما كانت هي نفسها تفكر فيه لكتابها، وأن رسومي قد أضافت للنص المزيد من مستويات التأمل".. شعرت عندئذ بالسعادة المطلقة. ثم شعرت بسعادة أكبر عندما قابلت في وقت لاحق الصديق الرسام ياسر جعيصة الذي قال لي أن إبنه "يوسف" يعتبر رسوم هذا الكتاب من أجمل ما رأى (رغم أن أبوه رسام كتب أطفال) وأنه شخصيا يضع الكتاب على مكتبه ليعاود مشاهدته من حين لآخر.. طلب مني يوسف أن أوقع له على نسخة من الكتاب، واعتبرني صديقا له، فكانت ذلك الموقف هو الجائزة الكبرى.
نعم كان لي مع لينا لقاءات مطولة لكنها جاءت بعد الانتهاء من الرسوم وليس قبلها.. لينا شخصية قوية على مستوى الكتابة وكانت تحتاج لمن يجاريها في هذه القوة على مستوى الرسم.. أحمد الله أن يسرني لذلك.. 13 فكرة مختلفة تعبر عن مشكلات الأطفال في المجتمعات الإنسانية (عامة) والعربية (خاصة) أمضيت ثلاثة أشهر في البحث عنها وشهر في تنفيذها.
هناك رسوم أخرى داخلية (حواشي) موجودة على صفحتي بشكل متفرق مرسومة بالرصاص الأحمر.. هذه بعضها:
الحياة للاطفال
الرّسام الفنان أحمد سليمان ..باقة ورد اقدمها لك باسم مجلة الحياة للاطفال ..تحدثت باسهاب عن افكارك ورؤياك للفن ورسم كتب الاطفال ..عبرت عن همومك التي تمثلت في هموم كل رسام مصري وربما عربي ايضاً ..أشركتنا في ذكرياتك ..وآمالك ..
كان يوماً مميزاً بكل هذا الزخم الفني المعلوماتي .
اشكرك جزيل الشكر لقضاء يوم كامل معنا ..بارك الله فيك .. ولعل باقة الورد تعبر عن امتناننا وتقديرنا لك .
في النهاية
اسألك ما هو جديد احمد سليمان ..
وما هو السؤال الذي توقعت ان نسأله ..ولم نفعل ..
ما السؤال وما جوابه !
والشكر والتقدير وباقة ورد عبقة لكل من كان معنا وتابعنا وحاور الضيف
فأثرى اللقاء وزاد جماله جمالاً وابداع .
Ahmad Soliman
من سبيل الطرافة ما قرأت يوما عن ما يحدث لو تصادف وقابلت مبدعا ؟ إذا أردت أن "تلفت" اهتمامه فاسأله عن أهم أعماله.. وإذا أردت أن "تنال" اهتمامه فناقشه فيها .. أما إذا أردت أن "تستحوذ" اهتمامه فاسأله عن أعماله المستقبلية.. (:
عموما سعدت بمناقشة بعض المهتمين بكتب الأطفال.. كان حقا لقاء مثمرا مكنني من الحديث باستفاضة (من القلب والعقل) عن أحلامي وشخصيتي وعملي وهمومي .. بعض من ناقشت يعرفني وبعضهم لا يعرفني .. بعضهم قابلته ماديا وبعضهم لم تسمح الظروف سوى بالمقابلة عبر الفيسبوك.. من يدري فربما يجمعني بهم يوما ما لقاء أو عمل أو مناقشة أخرى .. تحية للناشطين الذين تواصلت معهم: دكتورة تغريد النجار، وحيدر غازي، وريم العسكري، وصفاء نبعة، ومحمد شويخ، وهديل ناشف ، ومها جميل، وسناء قولي، وإياد مداح، ومحمد مهدي ..(أغلبهم ليسوا مصريين؟) تحية للأستاذ محمد بدارنة بوجهه الممتلئ عروبة وسمرة.. تحية لكم أستاذة رويدة (لو أنجبت بنتا أخرى سأسميها "رويدة").. سعيد بالتواصل مع اخوات من خارج بلدي.. التنوع جميل والفردية مؤلمة.
أتمنى أن أعيش طويلا وبصحة طيبة لأنتج المزيد من الكتب تأليفا ورسما.. أتمنى!
الحياة للأطفال
ونحن جد سعداء بهذا اللقاء المميّز ..سعداء ان كنّا حلقة الوصل بينك وبين الكثيرين ..ربما المتابعين بصمت كانوا اكثر من المشاركين ..ولكن نشكرهم على المتابعة ..
نيابة عن رئيس التحرير اشكرك جزيلاً .
وسعيدة ان سيتردد اسمي في بيتكم :
نسأل الله ان يرزقك الذرية الصالحة مع روعة واخيها الصغير ..
وتحقق امانيك وطموحاتك ..وتزداد نجاحاتك ..
Ahmad Soliman
سؤال تمنيت أن يسأله أحد هو: سر الألم المستتر في رسومي رغم ما فيها من ألوان وحركة وبهجة وسعادة؟ وأحتفظ بالإجابة لنفسي.
الحياة للأطفال
طلبنا منك السؤال والاجابة عليه .. الاذا كان شئ شخصي فلك الحرية
Ahmad Soliman
دعيها للمستقبل فربما تسنح الظروف يوما بالحديث عن "الدراما" في رسوم كتب الأطفال، عندي وعند غيري...
الإنسان (أي إنسان) هو فسيفساء من آلاف القطع الملونة الصغيرة المتجاورة
لكنه فسيفساء !