الإسكافي الحافي
في حَيّنا إسكافيٌّ طريفٌ كَتَبَ على بابِ دكَّانِهِ
الإسكافي الحافي.
زُرْتُهُ ذاتَ مرَّة، فوجدْتُهُ يَدْرُزُ قطعةَ جلدٍ على آلة يُسمّونَها الدَّرّازَة .
سألته : هل فِعلُ « درز » كلمة فصيحة ؟
إبتسم الإسْكافيُّ الطَّريفُ، وَأجابَنِي : نعم هو كلمة فَصيحَةٌ.
نَقولُ دَرَز الثَّوبَ , بِفَتْحِ الرَّاء, يعني خاطَهُ خياطةً متلزِّزَةً دَقيقةً. لذلك كان العرب يقولون عن الخيّاط « درّاز» وكانوا يقولون عن الحاكة والخَيَّاطين: أولاد درزة.
وَمِنْ أسماءِ الخيّاطِ أيْضاً الدَرزي بفتح الرَّاء.
فَسَألْتُهُ: لِمَ تؤكّد فتح الرَّاء؟
فقال: لأنك لو قلت «دَرِزَ » بكسر الرّاء، لحصلت على معنى آخر بعيد جداً عن الخياطة. فنحن نقول: درِز الرَّجل (بكسر الرَّاء , يعني تمكّنَ من نعيم الدُّنيا ولذَّاتها..
فَهَلْ أدركت الآنَ الفَرْقَ الكَبيرَ بينَ ما معنى دَرَزَ ودَرِز؟!
قُلْتُ له: ما أوسع معلوماتك يا عَمّ!!.. هذا على الرَّغْمُ من أنك إسكافي حافٍ، فكيف الحال لو أَنّك غير حاف؟»