زُر مدينة القدس، عند مدخل أحد أبوابها السبعة، أو تجول في أسواقها المزدحمة بالمارّة، أو عند باحة المسجد الأقصى، وكنيسة القيامة، سوف تتمتع بالجمال الذي لا جمال يفوقه، سوف تبهرُ أنظارك جماليات الأزياء، والأثواب الفلسطينية، المزادنة بالتطريزات الملونة.
لكن تمعن قليلاً في شكل الأزياء، وألوانها، وفي التطريزات المرسومة عليها، أعني وحدات التطريز، وكيف تم تنسيقها على الأثواب، عندها، حتماً، ستكتشف كل امراة، من أين جاءت؟ من رام الله، أو بئر السبع، أو بيت لحم، أو غزة، أو من يافا وقضائها، أو الخليل وقضائها؟
نعم، فإن النساء، في منطقة رام الله، عُرفن باستعمالهن رسمه النخلة، أما نساء الخليل فعُرفن باستعمال رسمة خيمة الباشا، في حين عُرفت نساء يافا باستعمال رسمة السَّرو على أثوابهن، وعُرفت نساء غزة باستعمال رسمة الوسادة او المقص، أما رسمة الحجب فكانت من نصيب اثواب نساء بئر السبع.
لا، بل إن رسمة شجرة السرو، التي بدأنا نراها في الأزياء الفلسطينية المختلفة، لها اشكال مختلفة، فهي، في بئر السبع، تختلف عنها في غزة او في رام الله، وهكذا. وبكلمات أخرى، فإن النساء تعلمن من أمهاتهن، وعلّمن بناتهن، بأمانة ودّقة، تفاصيل أثواب مدينتهن، أو قريتهن. ومن جهة أخرى، فإن اختلاط الناس، والزيارات المتبادلة، بين النساء الفلسطينيات، من مناطق مختلفة، قد ساعد على التبادل الفنّي، وهذا يعني، أن نساء رام الله تأثرن قليلاً بذوق نساء بيت لحم، ونساء يافا تأثرن قليلاً بذوق نساء القدس، وهكذا. وقد أكسب هذا الأمر الأثواب الفلسطينية جمالاً فوق جمالها! فباتت المرأة الفلسطينية بزِّيها، كأنها لوحة فنية، تمشي على الأرض!