سليمان العيسى ـ عَشِقَ الأَطْفَالَ في أَشْعارِهِ
شاعرٌ عربيٌ سوريٌّ صديقٌ حميمٌ للحياة للأَطفال

سُلَيْمان العِيسى؟

 مَن مِنْكُم يا قُرَّاءَ «الحياة للأَطفال» لَمْ يتمتَّعْ بقراءَةِ إحدى قصائدِهِ الموجّهة للصغار من على صَفَحات المجلَّة؟

سُلَيْمان العِيسى؟

 

وُلِدَ شاعِرُنا سليمان العيسى عام 1921م في قرية النعيريّة المجاورة لمدينة أَنطاكيا التَّاريخيَّة في سوريا.

في قريتِهِ الوادِعَة، في بيتِ والدِهِ الدَّافئِ، على يدِ أَبيهِ المرحوم أَحمد العيسى، وتحتَ شجرةِ التُّوتِ التي تظلِّلُ باحَة دارِهِ. حَفِظَ شاعِرُنا وهو طفل صغير القرآن، والمعلَّقات من القصائد، وديوانَ المتنبِّي، والآلاف من أَبيات الشِّعْرِ العربي.
 

كُلُّ ذلكَ في مدرسة ليستْ كَمَدَارِس اليوم، وَسُمّيَتْ في حينه بـ «الكُتَّاب».

في التَّاسعةِ مِن عُمْرِ شاعرنا كَتَبَ أَوَّلَ ديوان شعرٍ، تحدَّث فيهِ عن هُمُوم الفلاّحين وبُؤْسِهِم.

في مدارس أَنطاكية تَرَعْرَعَ ونما، وكان يقفِزُ مِنْ صَفِّ لآخر لشدَّة ذكائه وَحبِّه للكتاب!

وبعد أَن سُلِخَ لواءُ الاسكندرونة من سوريا إلى تركيا، انتقل سليمان العيسى إلى مدينة حَمَاة فاللاذقية فدمشق. (أَصدقائي: هل تؤشرون على موقع هذه المدن في الخارطة).

يعتبر سليمان العيسى أحد أعلام الشّعر العربي في سوريا، وأحد أبرز شعراء الأَطفال في العالم العربي.

كان لي الشَّرف والفَرَحَ أن ألتقي شاعِرَنا في القاهرة عام 1989م في مؤتمر الطفولة العربي، وكانت إحدى ليالي الأُنس في عمري حينَ غمرتنا نَشوة السَّهَر برفقَةِ الشَّاعر العراقي الكبير فاروق سلّوم والحضور الرّائع للشاعر سليمان العيسى.

أَتَمَّ سليمان العيسى تحصيلَهُ العلمي في دار المعلمين العالميّة ببغداد. عادَ الى دمشق وظلَّ يعمَلُ حتى وفاته مُوجِّهًا أَوَّلَ للُّغَةِ العربيّة في وزارة التَّربية السّورية.

أولادُهُ الثلاثة هم مَعِن وغيلان وبادِيَة.

كَتَبَ قِصَّة َ طُفولتِهِ شِعْرًا، ثُمَّ كَتَبَها نَثْرًا للأَطفال بعُنْوان: أحْكِي لكُم طفولتي يا صغار.
شَارَك شاعرنا سليمان العيسى مع زوجتِهِ الدكتورة ملكة أَبيض في تَرجَمَةِ عَدَدٍ مِنَ الكتُب.

في العام 1982 حصل على جائزة «لوتس» للشِّعر مِن إِتحاد كُتَّاب آسيا وأفريقيا.

من أشعاره .

 أمّي

مَلَكٌ يَرِفُّ عَلى سَريري

يَحْنُو بأَنْفَاسِِ الْعَبِيرِ  (1)

سِرُّ الإِلَهِ بِمُقْلَتَيْهِ  (2)

وَنَعِيمُهُ في راحَتَيْهِ

أَغْلَى مِنَ الدُّنْيَا عَلَيَّا

وأَحَبُّ مَخْلُوقٍ إِلَيَّا

أَفْدِي الْمَلاكَ السَّاهِرا

قَلْبًا عَلَيَّ وَنَاظِرَا

-----------------

(1) العبير: العطر.

(2) المقلة: العين.

في الأعوام الأخيرة، عاش شاعرنا الكبير في اليمنِ السّعيد، وسعدَ هناك بقضاء سنوات من العمر جميلة، فاليمن شعب وحكومة وأطفال وكبار قدّروا أنّ الشّاعر سليمان العيسى من أغنى كنوز العرب، فمنحوه الحبّ والتّقدير والتّكريم، وعاد الشّاعر الكبير قبل عام تقريبا لأرض الشآم، لمرتع الطّفولة والشّباب ، على بعد أمتار من لواء الاسكندرونة المسلوخ، لحماة وانطاكية ودمشق، للياسمين في حكايا الاطفال، للسّلام في احلام الاطفال، الاطفال النّازفين دما وألما وحزنا ودموعا، للاطفال الباحثين عن طفولتهم المسروقة في وضح النّهار وقبيل بزوغ قمرهم بساعة، وبعيد شروق شمسهم بنصف ساعة، عساه يقاسمُ كلّ أطفال الشآم دمعةً، وعساه يمسح من عيونهم دمعة، وعساه يزيل الغمام في سمائهم فيريهم قمرهم ولو لساعة، ,عساه وعساه، حتى أنّ صحّته المتردّية زادت وتفاقمت وأنْهكتْ، فهو يرقد الآن في أحد مستشفيات دمشق،
تعالوا بنا، كلّ الاطفال وكل الكبار، الفلسطينيّين والعرب عامّة، نصلّي من أجل سلامته، ونهديه تحايانا ونرشّ على وجنتيه قبلاتنا، ونرفق تهانينا بالسّلامة له طاقات من الورد وباقات من الوفاء والحبّ،
طير الطّاير من عنّا من عند الاهل ، كيف الزّرع بموسمنا كيف حال السّهل، خبرنا يا طير!!!
في آب 2013 رحل شاعرنا عن عمر يناهز ال 92 عاما فأسلت الحياة للاطفال 92 باقة من الجوري والياسمين و92 قبلة على جبينِ شاعرنا الغالي!