مارشال المسرح الفكاهي 

غوّار الطّوشه

دريد لّحام،

 مارشال المسرح الفكاهي

 وصاحب ياسينو الهبُّولة!

 إبن حارة كل مين إيدو إلو!

 غوارتي!

 لا بدّ أنَّكم تذكرونَهُ جيّدا فهو حاملُ مفتاحِ قلوبِ البشر !

 هذا السّوري الرّائع الذي عاش حياةَ النّاس، حياةَ الفقراء، وَعَبَّرَ في مسرحيَّاتِهِ وأفلامِهِ عن ألمِهِم وأحلامِهِم ومتاعِبِهم!

ولا بدّ أنكم تعرّفتم عليه أيضا من خلال زاوية الكاريكاتير في الحياة للأطفال لمدة أعوامٍ طويلة وعريضة. أمّا أنا يا أصدقائي فقد تعرّفت بشخصه النّبيل وسعدت جدّا باللقاء في القاهرة عام 1989, في مؤتمر الطُّفولةِ والتَّنمية الذي عَقَدَهُ في حينِهِ مجلس الطّفولة والتنمية العربي في القاهرة. 

تخيّلتهُ قبل اللقاء يدخل قاعة المؤتمرات بقبقابه " المطقطق" بإيقاعٍ عسكريٍّ والمدافعُ تطلقُ لَهُ 21 طلقة, لكن لم يحدث هذا ولا أي شيء قريب من هذا.

لكن ما يهمُّنا اليوم هو فيلم " كفرون"، الفيلم السِّينمائي الأوَّل الذي يقتحمُ السِّينما العربيَّة والخاصّ بالأطفال. وَالتقينا بغوَّار، صديقِنا العزيز للمرَّة الثَّانية خلال ثلاثةِ أعوام، ولم تمضِ ثانيةٌ واحدةٌ على اللقاء حتَّى ارْتَسَمَتْ على شفتيْهِ أجمل ابتسامة في الدُّنيا. سَألتُهُ: لمن هذِهِ الابتسامة يا بشوشَ الوجه؟ قال: لأحبَّتي الصِّغار في بلادِكُم، بالله عليك احْمِل لهم سلّة تطفحُ قبلاتٍ وسلاماتٍ! 

شكرتُهُ على عواطفِهِ وقبلاتِهِ باسمِكم، باسمِ محَبَّتِكُم له. أمَّا عن فيلم"كفرون" فقال:

في هذا الفيلم قد عِشْتُ طُفولتي، وقد جَسَّدْتُ فعلاً طفولتي فيهِ، كافَحْتُ وأنا صغيرٌ من أجلِ أن أبني عائلتي. نعم كنتُ أعملُ وأنا صغيرٌ عندَ الحدَّاد والنَّجار لأربحََََََ قرشاً فأعطيه للعائلة، وهذا ما لا أتمنَّاهُ للأطفال، لا أتمنَّى لأيِّ طفلٍ أن يعمَلَ وهو صغير، فالطِّفلُ مكانُهُ المدرسة، البيت، مع الأصدقاء في حارتِِهِ وبلدتِهِ، نعم ليعيشَ طفولتَهُ نقيَّة! و"لاحقين عالشُّغل".

وَعنِ الأطفال الذين شاركوهُ فيلمَه "كفرون" قال: هؤلاء الأطفال هم أبناء أصدقائي. ويبدو لي أنَّهم موهوبون على مستوى جيد، وجاءَتْ أدوارُهم عفوياً، دون تكلُّف. صدِّقوني أنِّي لم أدرِّبهم على أيَّة لقطةٍ إلا أثناء التَّصوير، وليس قبل التَّصوير، ولو كانت فيروز "المغنية" اللبنانية المحبوبة "طفلة" لتمنَّيتُ أن تكونَ ضمنَ أطفال فيلم"كفرون".وعن بطل فيلم"كفرون" قال غوَّار: إنه "ودود" "أبوسليم"، فَرَّاشُ المدرسة الإبتدائيَّة التي تعلَّمْتُ فيها وأنا صغير، هذا الـ "أبو سليم" له هيبَتُهُ، وقد كنَّا نلجأ إليهِ أكثر مِمَّا نلجأ إلى أهلنا... حتَّى حين يضربنا الأستاذ كنَّا نشكو أمْرَنا له ولا نشكو الأمرَ لأهلِنا. لا بل كان يشتري لنا من معاشِهِ

دفاترَ وكتباً. رغم أنَّه أفقر فقراء القرية.   

وعن طفولته قال غوار وقد تَغَيَّرَ صوتُهُ وتبدَّلَ: 

طفولتي تشبِهُ طفولَةَ معظمِ أطفال العالم العربي، فأنا ابن لأسرةٍ كبيرةٍ، عشرة أبناء وأم وأب. كنَّا نسكُنُ في بيتٍ كبيرٍ. وفي البيت أكثر من عائلة، وكانت ساحة الدَّار مشتركةً لكلِّ العائلات. أمَّا لعائلتي فقد كانت غُرفتان، أمِّي وأبي في غرفة، وأنا وأخوتي التِّسعة في غرفة! والله حَمَانا! وهذا الوضع الصَّعب في العيشِ الذي نرفضُهُ اليوم مَنَحَنا إحساساً جيِّداً بأنَّ العائلة حضنٌ دافئٌ وأمان وسلام. لذلك أرضَعَتْنا أمِّي جميعاً الحليبَ والحبَّ، الحليبَ الكافي لتنمو عظامنا، والحبَّ الكبيرَ لتكبرَ قلوبُنا فنحبّ بعضَنا بعضاً.... وَعَلَّمَتنا أمِّي أيضاً أن لا ننادي بعضَنا البعض بأسمائنا المجرَّدة، بل كنت أنادي وأقول: أخي منير! فقد علَّمتنا أمِّي أنَّ الأخوّة تحمينا من المستقبل.

 عَلَّمتنا أمِّي الكفاحَ وليس الاستسلام، وحينما كبرتُ، وَدَرَسْتُ في الجامعة، بدأت أعمل مدرِّساً، فتقاضيت معاشي الأوِّل وبه اشتريت "بوتاغاز" يعملُ بالكيروسين هديَّة لأمِّي! أجمل هديَّة اشتريتُها في حياتِي!

 وقبل الختام، سلام يا حمام. ما رأيكم أن تكتبوا عن مشاعركم نحو أمَّهاتكم! وعن أجمل هديَّة من صنعكم لها!