حكاية الخُنفسة
لمَّا كبرت الخنفسة قالت لأمها : " أريد أن أتزوَّج لي زوجاً ". فقالت لها أُمُّها: " روحي إلى الطَّريق واجلسي في وسطها ليراك الشَّباب، واختاري لك زوجاً من بينهم".
وخرجت الخنفسة وجلست في وسط الطَّريق، فمَّر بها راعي غنم، وقال لها : " يا خُنفسة، قومي من وسط الطَّريق، لئِلاَّ تدوسك الأغنام". فردَّت عليه قائلةً:" أنت الخنفس والخنفسة أمُّك، والعبدة بنت عمِّك، لكن أنا بنت الرُّديني، والكحل ملء عيني، وأنا جالسة هنا في وسط الطريق لأجد لي عريساً أتزوَّجه ". فقال الرَّاعي: " هل تتزوَّجينني؟ فقالت " حطِّ الذَّهب في كُمِّي، حتَّى أروح أشاور أُميِّ". وافق الرَّاعي، ووضع الذَّهب في كمِّها، وعادت هي فقالت لأُمِّها : " تَقَدَّمَ لي عريس، رأسه كبير كبير ويداه كبيرتان كبيرتان، ورجلاه كبيرتان كبيرتان، فقالت الأُم:
" اتركيه،فهو لا ينفعك".
وفي اليوم الثّاني والثَّالث، راحت الخُنفسة، كالعادة، وقعدت في وسط الطَّريق. ومرَّ بها جمَّال وقال لها:" يا خُنفسة، انزاحي عن وسط الطريق، لئلا تدوس عليك الجِمال".
فقالت له:" أنت الخُنفس، والخُنفسة أُمُّك، والعبدة بنت عمِّك، لكن أنا بنت الرُّديني، والكحل ملء عيني، وأنا قاعدة في وسط الطَّريق لأجد لي عريساً أتزوَّجه". قال لها الجَمَّال:" هل تتزوَّجينني؟" فقالت له:" حطِّ الذّهب في كُمِّي، حتَّى أروح أشاور أُمِّي".وراحت وقالت لأُمها:" جاءني عريس له رأس كبير كبير، وعينان كبيرتان كبيرتان ويدان كبيرتان كبيرتان، ورجلان كبيرتان كبيرتان، فقالت لها أُمُّها:" أتركيه". وفي اليوم الرَّابع، راحت الخنفسة قعدت في طريق الفأر. فلمَّا مرَّ الفأر ورآها، قال لها: يا خنفسة ابعدي عن طريقي لئلا أدوس عليكِ". فقالت:" أنت الخُنفس، والخُنفسة أُمُّك، والعبدة بنت عمِّك، لكن أنا بنت الرُّديني، والكحل ملء عيني، وأنا جالسة هنا في وسط الطّريق حتى أجد لي زوجاً" . فقال لها الفأر: " هل تتزوجينني؟ " قالت :
" حُطِّ الذَّهب في كُمِّي، حتى أروح أشاور أُمِّي". وراحت فقالت لأُمِّها:
" جاءني عريس، له رأس صغير صغير، وعينان صغيرتان صغيرتان، ويدان صغيرتان صغيرتان، ورجلان صغيرتان صغيرتان". فقال لها أُمُّها:" هذا هو الزَّوج المناسب لك، روحي تزوَّجيه".
وراحت الخُنفسة وتزّوَجت الفأر. وبعد أيَّام، قالت الخنفسة لزوجها الفأر:" سأذهب إلى البئر لأنشل ما يلزمنا من الماء". فقال زوجها:
" لكن أخاف أن تقعي في البئر". فقالت هي: " لا بدَّ من الذهاب إلى البئر؛ وصارت تنشل الماء، فوقعت في البئر. وبعد وقت قليل، مرَّ عنها فارس راكب على فرسه، فنادته الخُنفسة قائلة : " يا راعي الفرَس الفرفَسَنِّه، يللِّي حجُولها خُرخَشنِّة، قول للفار ابن الفار، الخنفسة وقعت في البير، وإذا ما قُلتش تلزق فيك الحَصير". وسمعها الفارس، لكنَّه، بعد وصوله إلى البلد، جلسَ في السَّاحة، ونسي الموضوع. وعندما قام ليغادر المكان، التصقت به الحصيرة، ففطن للخنفسة، وقال للنَّاس الموجودين في السَّاحة : " يا حاضرين،أنا كنت ماراًّ بجانب البئر، وسمعت صوتاً من داخل البئر يقول:" يا راعي الفرس الفرفسنِّة، يللِّي حْجُولها خُرخَشنِّة قول للفار ابن الفار، الخنفسة وقعت في البير، وإذا ما قُلتش تلزق فيك الحَصير وها هي الحصيرة مْلَزَّقة بي، وهكذا يحدث لمن لا يُوصِّل الخبر لأهله".
وكان الفأر مختبأً في حجره، وسمع ما قال الفارس، فركض مُسرعاً إلى البئر، ومدَّ يده إلى الخُنفسة، لكن لم تصل إليه، ثمَّ مدَّ رجله فلم تصل إليها، فدَلَّى ذيله الطَّويل، فأمسكت به الخنفسة، فنشلها، وراحا يركضان معاً في مرح كما يفعل الشَّباب الصِّغار.