1
غراب البين حكاية مثل من أمثالنا الشّعبيَّة
يقدّمه الكاتب حنّا نور الحاج
عادت « سها » من الحانوت المجاور , ومعها جريدة , كان والدها قد أوصاها بأن تشتريها من الحانوتي , كما في كلّ يوم .واندفعت تسأل والدها : ما هو « غراب البين » هذا الذي تكتب عنه الجريدة ؟ونظر الأب في الجريدة فرأى ما كانت تقرأه صغيرته:غراب البين فلان الفلاني يزور القرية " للدّعاية الانتخابيّة " عندها, تذكّر الوالدُ ما شرحه أستاذ اللّغة العربية لهم في أحد أيّام الدّراسة , حينما كان الأب يتلقّى العلم على مقاعد الدّراسة .. يومذاك, قال لهم المدرِّس ونبرات صوته لا تزالُ تطنُّ في أذني والد سها - شارحاً :كلّكم تعرفون الطّائر المسمَّى بالغراب , ذاك الطّائر الأسود ذي الجناحين العريضين والمنقار الطّويل القويّ , الذي يتغذّى على الأخّص بالحيوانات الصّغيرة كالجرذان والفئران والزَّواحف .والنّاس يتشاءمون بالغراب ونعيقه . ولكن ما هو البين ؟البين هو الابتعاد والرّحيل والفراق .إسمعوا ! حين يرحل سكّان الصّحراء من مكان سكنٍ إلى آخر , حاملين معهم خيامهم وسائر أغراضهم اللاّزمة تأتي الغربان إلى ذاك المكان المهجور لتتغذَّى بما تجده بين بواقي الرّاحلين من قمامة وفضلات وبقايا دوابهم أيضاً .وأحياناً كان يأتي أحد الرِّجال إلى المكان الذي يسكنُ فيه قوم محبوبته , وهو يظن أنّ القوم لا زالوا في ذلك المكان ولم يرحلوا . ولكنَّه يرى من بعيد الغربان تهبطُ في ذلك المكان وتطير فوقه , وعندما يدرك الرّجل أنّ القوم قد بانوا ( بانَ يبين بيناً) أي : رحلوا وابتعدوا .فيكتب لذلك ويحزنُ حزناً شديداً .بعد أن استمعت سها إلى كلِّ هذا من والدها باهتمام بالغ , قالت : إذن الغراب يُذّكّر النّاس بالفراق والهجر .أضاف الأب : باختصار , يا حلوتي , أنَّه يرمز إلى المصيبة المؤلمة . ولذا , كتبوا في الجريدة عن ذاك الشّخص أنَّه كَََغُراب البين , أي أنّه لا يجلبُ معه إلا المصَّائب. ولكم أن تستمتعوا دائما في مجلّتكم الحياة للأطفال وموقعكم الرّائع
www.alhayatlilatfal.net
عن حكاية مثل آخر من أمثالنا الشّعبيَّة.