المازِني - الأديبُ السَّاخِرُ
1889- 1945 ميلاديّة
وُلِدَ شاعرُنا ابراهيم محمد عبد القادر المازني في التَّاسع من شهر آب من سنة تسعٍ وثمانين بعد الألف والثّمانمائة. وَتُشِيرُ الصُّدَف إِلى أَنَّ الأديبين الكبيرين طه حسين وَعَبَّاس محمود العقاد قد وُلدا في ذات التاريخ أو تاريخ مقرَّبٍ لمولدِ المازني، والأَجْمَلُ أَنَّ الحياةَ قَدْ جَمَعَتْ الثلاثَة في القاهِرَة، ليكونوا مِنْ روّاد النّهضَةِ والفكرفي مصر.
ولم يَبْخَلِ العقَّادُ في بلاغَتِهِ وَشَاعريَّتِهِ وَأَحاسِيسِهِ حين توفيَّ صديقَه المازني فَرَثاهُ في قصيدةٍ عنوانها:
أَخي إبراهيم
وَرَبُّ رِسَالَةٍ، وبشير عَهْدِ أَميرُ بلاغَةٍ وَأَمينُ نَقْلٍ
حَنَاهُ، كَحَدِّ السَّهْم يُرْدي وذو قَلَمٍ كَغُصْنِ الرَّوض
وَيَسْبِقُ غايَةَ اليَقْط المُجِدِّ وَتَحْسَبُهُ اسْتراحَ إِلى سُباتٍ
مَناهِل فَيْضِهِ في كُلِّ وِرْدِ فَسَلْ عَنْهُ شِعَابَ «الضّاد»
لأَنت أَحَبُّ لي لو عاش سَلامًا أَيُّها الدُّنيا سلامًا
تَحَدَّثَ الكاتب والأديب المازني عن طفولَتِهِ بَإِسْهابٍ وتَفصِيل، فَقَد ماتَ أبوهُ والمازني طفلٌ صغيرٌ لا يتجاوزُ مِنَ العُمْرِ التّاسِعَة، فتَحَمَّلَ مسؤوليّاتٍ جَمَّة، خاصَّةً وأَن والدتَهُ كانَتْ نِعْمَ الوالدة، فهي حازِمَةٌ وصادِقَةٌ في فِراسَتِها. أُدْخِلَ المازني الكُتَّابَ قَبْلَ أَن يُرسَلَ إلى المدرسة، ثمّ الثّانويّة فَمَدرسَة المعلّمين العليا، يدرسُ اللّغة الانكليزيّة وآدابها. فتَخرَّج منها وعمل مدرِّسًا للتّرجمة في إحدى المدارس الثّانويّة، لمدّة عشر سنين.
بَعْدَ ذلك اختارَ المازني طريقَ الصّحافة، فنشر في الصّحف قصائد شعريّّة ومقالاتٍ نثريّة مبدعة. وقَد وَجَّهَ نَقْدَهُ اللاذع إِلى شعراء عَصْرِهِ، ومن بينهم شاعر النّيل حافظ ابراهيم.
المازني ساخِرًا:
تميَّز أسلوبُ المازني بالنَّزْعَةِ إِلى السُّخرِيَة. سُخريَةٌ لا تُسِيءُ إلى أَحَدٍ وإِنْ أَضْحَكتِ القارئ!
كَتَبَ المازني في زَوْجَتهِ صباح, كتب يقول:
فَقَدْ كانَت الشّيخة صباح، على الرَّغْمِ من «التمشيخ» غيداءَ، حسناءَ، مُبْتَلَّةً، وَرَطْبَةً حُلْوَةً، يَجْرِي ماءُ الشَّباب في محيَّاها مِنْ نَضْرة النِّعْمَة، ولو طُبِعَ وَجْهُها على جُنَيْهٍ لزانَتْهُ وَأَغْلَتْهُ!!
كما كانَ المازني من رُوَّادِ كُتَّاب الرّوايةِ في مصر، أَهمُّها روايَة «ابراهيم الكاتب». وللمازني العديدَُ من مجموعاتِ القصص القصيرة ومنها:
صندوق الدنيا، خيوط العنكبوت، وفي الطّريق.
توفّي المازني عام 1949م. ورحِمَ الله المازني بما أَهْدى مِنْ فِكْر، وبما قدَّمَ مِنْ فَنٍّ، وبما أَبدعَ مِنْ إبداعاتٍ، فقد كان رائدًا صادقًا، وَعَلمًا متميِّزًا وقلمًا مُعَبِّرًا.