فرسانك يا طرعان قد حلّقوا على أجنحة الضّاد
العودُ للحبيبِ أحمد، ففي طرعان بدأتُ حياتي مع طلبة ثانويّة طرعان معلمّا للكيمياء والرّياضيّات، ومارست عملي سنة واحدة لكنّ الفصل التّعسفيّ قد حرمني من اللقاء بأحبّتي الطلاب، واليوم وبأشواق ساخنة أعود لحفلٍ بل تتويجٍ آخر، معطّرٍ بعطر الياسمين وملّونا بازهار اللوز، ورقّة الوجوريّة المتفتّقة على التّو.
نعم في مكتبة طرعان العامّة، أو قل في المنحلة الثّقافيّة المتربّعة على عرش الأنشطة والإنجازات، ومزنّرة بحبّ الحرف والكلمة، هناك في قاعتها الصّغيرة وتتسّع لمائة قلب يعشق الضّاد، ولمائتين من الأهالي يحملون أبناءهم في القلب، هناك التقينا مع 27 فارسا من فرسان الضّاد، في يوم تتويجهم بشهادة فراس الضّاد، وقد أطلّوا عرسانا بكلّ المقاييس، وعروسهم ضادُنا، وإكليل الورد الأبيض والبنفسجي معطر بتعابيرهم وخواطرهم كان أبهى من تيجان الملوك، فهم أمراء الضّاد لكن بعد أن جبلوها بالحب والجمال والخيال، نعم هناك في طرعان التقينا، وفي الانتظار وبين الحضور مديرو ومعلمو المدارس الابتدائيّة الأربع، وكان حضورهم يثري اللقاء فجميعهم يشعرون في حفل زفاف الفرسان هم أهل العريس والعروس،
وابتدأ الاحتفال بكلمة دافئة من مديرة المكتبة العامّة الاستاذة نيروز عدوي فرحّبت بالفرسان وأهاليهم ورئيس المجلس المحلّي السيّد عماد دحلة، من عشاق الضّاد وداعمي أنشطتها، ورّحبت بالمدارس الأربع، وشكرت كلّ من آزر الفرسان، وعلّمهم حرفا أو كلمة، فما بالكم بأديب الأطفال محمد بدارنة الذي شحنهم بحب الضّاد وعلّمهم حياكة الأدب من خاطرة إلى قصّة؛ فإلقاء الأشعار ورواية الحكايا.
في كلمة الاستاذة نيروز عدوي سكبت أمام الحضور معطيات دقيقة عن عدد استعارات الطلاب للكتب خلال العام المنصرم، وعدد الكتب التي تمّ قراءتها وتبيّن أنّ معدل المطالعة لكل طرعاني خلال العام الواحد هو كتاب ونصف الكتاب، في حين أنّ معدل المطالعة في العالم العربي للفرد الواحد خلال العام هو صفحة ونصف!
بدأ فرسان الضّاد يقدّمون فقرات الاحتفال، أو الامسية الادبيّة فقد أعدّوا البرنامج وقدّموه بأنفسهم، وسكبوا من اقلامهم ما فاض من روعة الادب وشهد الخواطر والتّعابير والقصص، وبين قصّة وخاطرة استوطنت في الاجواء أنغام وألحان ، فقد أبدعوا في القاء القصائد والغناء، ومسك الختام في فقرات الفرسان ما قدّمه الفارس محمد خير الله، وقد أصرّ على المشاركة بالاحتفال رغم حالته الصّعبة بعد حادث طرق أدى إلى كسر في رجله، فجاء ورجلاه تحملانه بمساندة والديه، فكان الموقف مؤثّرا، لكنّ الإبداع الذي فاض من قلم هذا الفارس بدّل الدّمعة ببسمة، والالم بأمل.
في كلمة رئيس المجلس المحليّ الأستاذ عماد دحلة وبلغة ثريّة الحرف والكلمة عبّر عن اعجابه بمستوى الفرسان، فاقترح أن يقيم لهم كليّة خاصّة للادب بالمستوى الأكاديمي، ووعد المكتبة العامّة أن يقدّم لها الدّعم الكافي لتوسيع المبنى، وتطويره خلال المستقبل القريب، وكلمة حقّ تقال في مشاركة رئيس مجلس طرعان المحليّ في احتفاليّة التتويج من البداية للنّهاية، وبإصغاء وتأمل شديدين، أنّ هذه المشاركة تعكس حجم الاستثمار للمجلس المحلي في صناعة الجيل القادم،
قبل الختام، كلمة لقائد طائرة مشروع فرسان الضّاد أديب الاطفال محمد بدارنة، باح من خلالها لحبّ فرسان الضّاد الطرعاويين وأشار إلى روعة الّتحليق معهم على اجنحة الإبداع.
مسك الختام توزيع شهادة فارس الضّاد على كلّ الفرسان المشاركين في المشروع، في اجواء من الفرح وعلى رؤوس افرسان تراقصت أكاليل التتويج وفحملوا شهادتهم وساما على الصّدر.
دامت كتب الاطفال ومجلة الحياة للأطفال في دياركم عامرة.
