أعرفُ بلدي أكثر أحبُّ بلدي أكثر

حارة الزّيتون بين الماضي والحاضر

بإشراف المعّلمة رائدة بشر  

تُعتبر حارةُ الزَّيْتُونِ حديثةٌ قديمةٌ، ففي الماضي كانت مساحاتٌ شاسعةٌ، جنوب القرية وشرقها، ملآى بأشجار اللّوز والفواكه والزَّيتون، ناهيك عن الأراضي التي زُرِعت بشتّى أنواع الخضراوات.

شارك المعلمون والتَّلاميذ في عزق الأراضي، وحرثها ، وزراعتها والاعتناء بالخضراوات، ومن ثمَّ قطف ثمارِها من خلال حصص الزِّراعة التي كانوا يتعلَّمُونها في مدرسة القرية القديمة.

في سنوات الخمسين أخذ أصحاب الأراضي يقتلعون أشجار اللَّوز والفاكهة، ليزرعوا بدلا منها أشجار الزَّيتون نظرًا لفوائدها الجمّة، فقد اعتمد سكَّانُ الحارةِ على الزِّراعة في معيشتِهم، ومن الزَّيتون يمكنهم الاستفادة أكثر.

احتلتْ أشجار الزَّيتون على مساحات واسعة واستحوذَتْ على قلوب زارعيها؛ فهي تُشكِّلُ العُنْصُرَ الأساس في غذائهم، كما أنَّهم استخدموه في صناعة الصَّابون، والإضاءة والعلاج وغيرها من الفوائد الجَمَّة، التي لا تُعدُّ ولا تُحصى.

إنَّ موسمَ الزَّيتون من أهمِّ المواسم بالنِّسبة للفلَّاح. كان الفلَّاح يُقبل على قطف الزَّيتون وجميع أفراد أسرته، بجِدٍّ ونشاط. عند الصَّباح الباكر يُشارك الرّجالُ، والنساءُ والأبناءُ في قطفه. في أوقات  الطَّعام يتحلَّقون حول الطَّعام الذي كانت الأمُّ تعدُّهُ وتأتي به إلى الحقلِ. أمَّا الصِّغار، فقد كانوا يلْهُون تارَةً، ويساعدون آباءَهم تارَةً أخرى.

أجواء من الفرح والسُّرور كانت تُخيِّم على المكان، إذ تبادل الجميع أطرافَ الحديث والفكاهاتِ والضَّحكات ، فمنها كانوا يستمدُّون نشاطَهم وصبرَهم، وينسَوْن تعبَ ذلك العمل الشَّاق في قطف الزَّيتون.

كان الفلاح إذا ما احتاج لأيدي عاملة، يَهُبُّ جيرانهُ وأصحابُهُ لمساعدته، والمزارع الذي يعصر زيتونه أوَّلا، كان يهدي الزَّيتَ لجيرانه، وأقربائه وأصحابه، ليتذوَّقوا نكهة زيته، فالزّيتُ كان مفخرة للمزارعِ آنذاك.

قديمًا كانَ للمرأةِ  دورٌ كبيرٌ في المجتمعِ، فهي التي تربِّي أطفالَها وتعتني بهم، وهي التي تُعِدُّ لهم الطَّعامَ والخبزَ كلَّ يوم، وَكانت تساعد زوجَها في الزِّراعةِ وجَنيِ الثِّمار. كانت المرأةِ في تلك الفترة، قويَّة الشَّخصيَّة والإرادة، وقادرة على تصريف شؤون بيتها...لقد كانت امرأة عاملة تحمَّلتْ قساوةَ الحياة وصبرت على حُلْوِها وَمُرِّها...

أما العلاقات الاجتماعيَّة بين سكَّان الحَيِّ فقد كانت جيِّدَة، إذْ ساعَدَ بعضُهم البَعْضَ، كما كانوا يتزاورون ويتسامرون، ويُعِدُّون الطَّعام، وَيَدْعُون بعضهم البعض، أو يرسلونه لبعضِهم البعض، وعند إقامة البيوت تعاونوا في البناء، كمشاركتهم في الأفراح والأتراح.

كلَّما ازداد عدد أفراد العائلة، وكبر الأبناء، ألحَّتِ الحاجةُ للتوسُّعِ والبناءِ وتأهيلِ الأبناء؛ لذا اقتلعوا أشجارَ الزَّيتون لإقامة المباني في أماكنها، ومع مرور الزَّمن تضاءلت كروم الزيتون وارتفعت العمارات؛ لتأوي السُّكان الذين ازداد عددُهم في تلك المِنْطَقَة.

قبل حوالي عشرين سنة، اضطُر المجلس المحلي لمصادرة بعض الأراضي التي زُرِعت زيتونًا؛ بغية شقِّ الشَّوارع، بعد أن ازدادت كثافة السُّكان وأصبحت الحاجة مُلِحَّةً لتوسيع الشّوارع وتعبيدها. بالرَّغم من معارضة بعض السُّكان الذين حصلوا فيما بعد، على أراضي بديلة في مناطقَ أُخرى...

هكذا ظهرت حارة الزَّيتون التي سُمِيَت بهذا الاسم، نسبة للزَّيتون الذي كثر في الحارة. فهي اليوم، حارة جميلة، نظيفة، متراصَّة المباني مكتظَّة السكان، تمرُّ عبرَها شوارع واسعة ومتفرِّعة...

المصادر:

من اللقاءات التي أجراها تلاميذ السادس ج بإرشاد مربيتهم رائده بشر مع :

السيد يونس مرعي - رئيس المجلس المحلي

الحاجة سعاد مسعد درويش ( ام سمير)

الحاج صبحي حامد (  

قاد المدير هشام دكناش هذا المشروع في مدرسة الشَّافعي - الفريديس، وأطلق عليه اسم " أعرف بلدي أكثر أحبّ بلدي أكثر".  اقتصرت المشاركة على صفوف السّوادس الذين سلكوا طريقة البحث العلمي في بحث بيئتهم الحياتيّة، فأبدعوا، وتمخَّضت أبحاثهم عن نتائج ومعلومات هامّة اكتسبوها من خلال البحث. السَّادس أ اختار موضوع "بيت المسنِّين" بإشراف المعّلمة نجمة بريّة، والسادس ب "العين" بإشراف المعلّمة أزهار فرحان، أمّا السَّادس ج ، فقد اختار موضوع "حارة الزَّيتون" بإشراف المعّلمة رائدة بشر، والسَّادس د بحث موضوع " المقيل" بإشراف المعّلمة عائشة محسن.

انبثقت عن هذا العمل الجماعي أبحاث ذات قيمة عالية، فمن خلالها تمكّن الّتلاميذ من اكتساب مهارات مختلفة وتنمية مستويات تفكير عالية، وكانت أداءاتهم ممّيزة ورائعة انفرد بها تلاميذنا الذين نفخر بهم، فقد نالت ابحاثهم على إعجاب جميع زائري المدرسة ومنهم مفتِّش المدرسة السّيّد زاهر صالح.

المقيل
هُناكَ عِندَ مَركزِ القَريةِ
تَسارَعَتْ مَسارَها خُطوَتِي
لِرؤيَةِ آلماضِي فِيها حَاضِرٍ
كَلَوْحَةِ آلتُراثِ في آلصّخْرَةِ
في مِقْيَلِ آلجِمالِ كانَ آسمُهُ
ساحَةُ سوقٍ طازَجِ آلخُضْرَةِ
مِنْ باكِرٍ فَلّاحَةٌ جَلَسَتْ
تَفْتَرِشُ آلأَرْضَ عَلى آلتُّرْبَةِ
تَصيحُ: بَقْدونِس خَس
قَطَفْتُهُ آليَوْمَ مِنَ آلعِزْبَةِ
وَتِلْكَ تَعْرِضُ مُلوخِيَّةٌ
وَذاكَ بَيْضاتٌ مِنَ آلسَّلَّةِ
وَبَسْطَةٌ مِنَ آلسَّمَكِ آلبُورِي
صَيَّادُها يُساوِمُ آلحُرْمَةِ
وَآمْرَأَةٌ تَسْاَلُ جارَتَهَا
عَنْ صِحَّةِ آلأوْلادِ وَآلكِنَّةِ
وَضَجّةِ آلصِّغارِ في لُعْبَةٍ
يُزاحِمُون آلجَمْعَ في آلفُرْجَةِ
كَذَا رَأَت ذاكِرَتِي مِقْيَلًا
وَلا أَراكَ حالِمًا رُؤْيَتِي
للشاعر عادل بادي مرعي
معالجة صفيّة المعلمة: عائشة محسن