اللّون الأسود في عيد الألوان!
قصة: عـادل عطيـة
لماذا تمّ اختيار يومِ الأحد الأوّل من فصل الرّبيع من كلّ عام؛ ليكون
عيداً للالوان؟..
لأنّ الأحد، هو يوم الشّمس الوقور.
ولأنّ الرّبيع، هو كمال جمال الطّبيعة، والنّاس يتعرّفون
عليه من خلال ألوانه.
هكذا بدأت أميرة الزهور، كلماتها الترحيبية في قاعة الاحتفال بيوم الألوان، ثم تابعت تقول للحضور:
قبل حضوري إلى هنا، علمت من ملكة النّور، أنّ اللّون الأسود
عندما تلقّى دعوته لحضور هذا الاحتفال، وعلم أنه سيجلس بجوار اللّون الأبيض، علّق ساخراً: "أخشى أن يصرخ اللّون الأبيض، ويقول: يا خبر أسود!".. وكاد أن يرفض دعوتنا، بحجّة كيف سيكون منظره الأسود بين ألوان الزّهور ؟!..
لكن سفيرنا إليه، أقنعه بالمجيء إلى هنا؛ فهو واللّون
الأبيض رفيقان منذ البدء.. وقبل اختراع الالوان،
وكثيراً ما رأيناهما في الأفلام السينمائية قبل أن تصبح
الأفلام ملوّنة، كما أنه اللون الذي تحتمي فيه الألوان، وتختبيء!
توقفت الأميرة قليلاً، ريثما تسترد أنفاسها،
ثم تطلعت في الحضور، وتوجهت بالنظر إلى اللون الأسود، وقالت:
انني إذ أحيي اللون الأسود، على مجيئه، أود أن يسمح لي بالقول: لماذا تكوّن أفكاراً معادية عن ذاتك، ولماذا تقدم نفسك كمنبوذ؟!..
صحيح أنت لست لوناً لوردة، فلا توجد وردة سوداء إلا الزّنبقة،
ولكنني أقول لك نيابة عن كل الورد: أنت لست كما تظنّ، فهناك شيء أهم من منظرك، ألا وهو قيمة ذاتك، ومثابرتك وسعيك إلى الارتفاع بمستوى وجودك. ان لونك ليس عبثاً، أنه أصبح ظل كل كائن في العالم،
والظل يرمز إلى الوجود. ونحن الورد، جذورنا في سواد الأرض، ومن خلالها، نتغذى وننمو!
وأقول لك: تعال، وأنظر إلى تاجي.. أنه مرصّع بآلماسات سوداء، فيها جمال وجلال!
ختمت أميرة الزهور كلمتها، بالقول: أكرر تحياتي لكل الألوان، والورد الرائع الجمال!
صفّق الحضور عالياً،وبشدّة وهي تترك الكلمة للشّمس ملكة النّور، وراعية هذا الحفل.
فبدأت حديثها، وقالت:
بداية، أود أن أهنئكم بعيدكم الأول في هذا اليوم.. الناس يعتبروني برتقالية اللون، وكما تعلمون فهذا اللون مزيج من الأحمر والأصفر، وهنا أود الحديث عن أهم صفة في الألوان، وهي التضحية بالذات والذوبان في الآخر؛ لانتاج ألوان جديدة.. فمثلاً: اللون الأخضر، هو مزيج اللون الأزرق بالأصفر. واللون البنفسجي، هو مزيج اللون الأحمر بالازرق.
اللون الأسود نفسه، هو أيضا مزيج من الألوان: الأحمر، والأصفر، والأزرق!
وما دمت تحدثت عن اللون الأسود، فأنه من المثير أن أخبركم أنه أكتشفت أخيراً، وردة سوداء كأنها الظلمة، يتماوج في وسطها لون سماوي عميق الظلمة، يزيدها جمالاً وسحراً، كنوع نادر وجديد من أنواع الورد، وذلك في مرتفعات آناميا وسط أحد المضايق الجبلية النباتية في فيتنام، كأنها جاءت إلى هذه المنطقة الجبلية الوعرة من حدائق الجنة!
صفق الجميع، بأهازيج الفرح، وسعدوا بانضمام الأسود إلى ألوان الزهور في احتفالهم بعيد الألوان، آملين أن يحمل كل عيد جمالاً على جمال.