سيّد درويش

بتهوڤن العرب

مَجَلَّةُ «الحياة للأطفال» وأَولادُها وبناتُها وأَحبَّاؤها وقرّاؤها ومشتركوها يُحِبُّونَ الفُنونَ بكلِّ فروعِها، الرَّسم، والنَّحت، والموسيقا.. فالفنَّ هو اللغَةُ المشتركةُ بين جميع الشُّعوب. يتذَوَّقُهُ الصِّغارُ والكبارُ... واليومَ ننطلقُ بصاروخِ الفنِّ إلى قلبِ الاسكندريَّة، إلى مَن زَرَع النَّغمة الرَّائِعةِ في قلوب كلِّ العَرَبِ فأحْفَظهم جميعًا أجْملَ نشيدٍ وأطربَهُم بأعذبِ ألحان.

سَيِّد درويش أو قُلْ الشيخ سيِّد درويش، وُلدَ لعائلة فقيرة في 17 آذار عام 1892 م بمدينة الاسكندرية. تَلَقَّى تعليمَهُ الأوَّل في الكُتَّاب، فكان لِحِفْظِهِ القرآن الكريمِ وتجويدِهِ لَهُ أثَرٌ كبيرٌ في تكوينِ شخصيّتِهِ.

استطاعَ سيِّد درويش أنْ يكَوِّنَ فِرْقَةً غِنائيَّةً في القاهرة،وكان يؤلِّفُ الأغاني لفرقتِهِ. يلحِّنُها ويغنّيها بصوتِه العذب. وفي أحدِ الأيَّامِ سَمِعَه الفنَّان جورج أبيض، فأعجبَ بغنائِهِ وألحانِهِ، عام 1912م. وطابَتْ للشيخ درويش القَعْدَة في الشَّام مُدَّةَ عامَيْنِ، استمتع واستمع في أثنائها الى الألحان العربية.

وتلقّى بعضًا من فنون الموسيقا على يد عثمان الموصلي، أحدِ المشاهيرِ هناك. وحين عادَ سيِّد درويش الى وطنه ثمَّ بدأ يغنّي من على مسرح عبَّاس في القاهرة. وفي عام 1917 لحَّنَ بعدها أكثر من عشرين مسرحيَّة.

ما يُميِّزُ الفنَّانَ الشَّيخَ سيِّد درويش عن غيره من المصريّين بأنه أوََّل من وَضَعَ الأُسسَ الأولى التي خَلَّصَتْ الموسيقا من مظاهِرِ الطَّربِ الموروثِ من الموسيقا التُّركيَّة. فمنَ المعروفِ أنَّ الغناءَ العربيّ، قبل سيِّد درويش، كانَ مليئًا بالزخرفةِ التي لا تتناسَبُ مع كلماتِ النَّشيدِ. فَجاءَ سيّد درويش وأَحْدَثَ انْسِجامًا وتناسُقًا بين الكلمة ومعناها ولحنِها.

صَوَّر سيِّد دَرويش بموسيقاهُ المؤثِّرة حياةَ العُمَّالِ الكادحين، مثل السقَّائين، الممرِّضين، الحمَّالين والنَّجارين.

وفي آخر أيام عُمْره قََرََّرَ سَيِّد درويش أن يسافِرَ إلى إيطاليا ليدرس الموسيقا الأكاديميّة. لكنَّ القدرَ لمْ يُمْهِلْهُ. ففي 15 أيلول عاد سيد درويش من القاهرةِ الى الاسكندرية ليستقبل الزعيم المصريَّ الراحل سعد زغلول، العائِد من المنفى، لكنَّ سَيِّد درويش توفي في ساعات الصباحِ فَحَزِنَتْ عليه مصرُ كلُّها،وعَمَّ الحُزنُ الأُمَّةَ العربية جمعاء. لكن ألحانهُ ونشيدَهُ ما زالت في قلوب وعلى شفاه كلِّ العرب.

ومن أجمل كلماتِهِ وألحانِهِ

 هذه الأغنية الشّعبية

البسيطة والتي ما زِلْنا نرَدِّدُها

رغم أنَّه غنَّاها عام 1918

بما كان مُتاحًا من معازف وآلات