بقلم: جمانة البايض
فِي إِحْدَى الغَابَاتِ عند المروج، يَعِيشُ أَرْنَبٌ شَدِيْدُ الأَنَانِيَّةِ، يُحِبُّ أَنْ يَحْصُلَ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَلو كَانَ عَلى حِسَابِ الآخرِين، وَلهُ ثَلَاثَةُ إِخْوَة، لَا يُحِبُّهُم أَبَدًا. فِي أَحَدِ الأَيَّام، خَرَجَتْ أُمُّه إِلَى السُّوقِ لِتَشْتَرِي مَا يَحْتَاجُهُ المَنْزِل مِن أَشْيَاء، وَأَوصَت أَبْنَاءَهَا بِعَدَمِ التَّشَاجُرِ فيمَا بَينَهُم.
ذَهَبَ كُلُّ أَرنبٍ إِلَى لُعْبَتِهِ المُفَضَّلَةِ لِيَلعَبَ بِهَا لَكِنْ..
نَزَعَ الأَرْنَبُ الأَنَانِيُّ الأَلْعَابَ مِن أَيدِيهم وَصَرَخَ بِهم بَصَوتٍ عَالٍ: لا تَلْمِسوا أَلْعَابِي، ابْتَعِدُوا مِن هُنَا.
حَزِنَت الأَرَانب الثَّلاثَةُ وَخَرَجَت الى سَاحَةِ المَنْزِل تَبْكِي.
عَادَتِ الأُمُّ مُحمّلةً بِأَكْيَاسٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا أَشْيَاء لَلمَنْزِل، وَمِنْها لأَوْلادِها الصِّغَار، وَعِنْدَ وُصولِها شَاهَدَت صِغَارَها الثَّلاثَة يَبْكُونَ خَارِجَ المَنْزِل، فقَالتْ: لِمَ تَبْكُون؟
أَجَابَ الصِّغَارُ بِصَوتٍ وَاحِدٍ: ذلك الأَنَانِيُّ أَخذَ الأَلعابَ كُلَّها، ولَمْ يَسْمَحْ لَنَا بِاللَّعِب.
غَضِبَتِ الأُمُّ عِنْدَ سَمَاعِها ذلك وَقَالَت لَهُم: اِمْسَحُوا دُمُوعَكُم الغَالِيَةَ وانْظُرُوا مَاذا أَحْضَرْتُ لَكُم، وَدَخَلت إِلَى المَنْزِل هِي وَالأَرَانِبُ الثَّلاثَة، وَعِنْدَمَا شَاهَدَهَا الأَرْنَبُ الأَنَانِيُّ وَشَاهَدَ مَا تَحْمِلُهُ قَفَزَ فَرِحًا وَأَرَادَ الحُصُولَ عَلَى كُلِّ مَا أَحْضَرَتْهُ.
أَعْطَتِ الأُمُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ لُعْبَتَهُ وَلَمْ تُعْطِ ذَلكَ الأَرْنَب الأنانيّ، فقَالَ الأَرْنَبُ لأُمِّه: أَيْنَ لُعْبَتِي يَا أُمِّي؟
رَدَّت عَلَيْهِ قَائِلَةً: لَمْ أُحْضِرَ لَكَ شَيئاً، فَلَدَيْكَ الكَثِيرَ مِن الأَلعَابِ.
غَضبَ الأَرْنَب وَذَهَبَ إِلَى غُرْفَتِه صَافِقًا البَاب.
جَلَسَ الأَرْنَب الأَنَانِيُّ بَيْنَ أَلعَابه يَلْعَبُ بِهَا قَائِلاً: مَن يَحْتَاجُ إِلَى تِلْكَ الأَلْعَابِ الغَبِيَّة.
واسْتَمَرَ يُقَلِّبُ أَلعَابَه ضَجِرًا، وَسَمِعَ صَوْتَ ضَحِكَات اِخْوَتَهِ فِي خَارِج المَنْزِل، وَقفَ يُشَاهِدَهُم مِن نَافِذَةِ غُرْفَتِهِ وَهُم يَلعَبُونَ وَيَتَشَارَكَونَ مَعًا بِتِلْكَ الأَلْعَاب سعداءَ فرحين.
أَخَذَ يُفَكّر وَيَقُول فِي نَفْسِه: إِنَّهُم حَمْقَى، لِمَاذَا يَلْعَبُونَ مَعًا، الأَفْضَل أَنْ يَلْعَبُوا لِوَحْدِهِم.
واسْتَمَرَ بِمُشَاهَدَتِهِم وِهُوَ يَتَسَاءَل فِي نَفْسِه: لَكِنَّهُم سُعَدَاء وَيَضْحَكُونَ كَثِيرًا.
وَنَظَرَ إِلَى أَلعَابِه وَهُوَ يَقُول: مَا الفَائِدَةُ مِن الأَلعَابِ الكَثِيرَة دُونَ رفيقٍ أَلعَبُ مَعَه.
وَعَادَ يَنْظُر إِلَى اخْوَتِه وَقَرّرَ القِيَامَ بِشَيءٍ مِن أَجْلِ ذَلِك. حَمَلَ أَلعَابَهُ وَخرجَ مِن غُرفَتِه مُتَوَجِّهًا نَحْوَ اخْوَتِ، قَالَ: أَنَا آسِف لأَنّي كُنْتُ أَنَانِيًّّا، سَامِحُونِي، وَهَا هِيَ الأَلعَابُ فلنَلْعَب بِهَا مَعًا.
فَأَجَابُوه: أَنْتَ شَقِيقُنَا وَنَحْنُ نُحِبُّك، فَهَيّا بِنَا جَمِيعًا.
وَقَفَزَت الأَرَانِبُ فَرِحَةً وَأَخَذُوا يَلعَبُونَ مَعَاً، وَمِن يَومهَا أَصْبَحَ ذَلِكَ الأَرْنَب الأَنَانِيُّ مُحِبّا لِغَيرِه مُشَارِكًا لَهُم فِي جَمِيعِ أَلعَابِه.