وَجْهُ سَلْمى المُنَمْنَمُ
بقلم الأديبة السّوريّة أدونيس فروح
• وَقَفَتْ سَلمى أمامَ المرآةِ لِتُسَرِّحَ شَعْرَها،وَكَعادَتِها كُلَّّ صباحٍ كانَتْ تتَََذَمَّرُ من وُجودِ النَّّمْنَمَة( النَّمش بالعاميّة) على وَجْنَتَيْها الرَّقيقَتَيْن ... قَالتْ في نَفْسِها: إلى مَتَى سَتُلازِمُ وَجْهِيَ هذِهِ النِّقاطُ؟ وَكَيْفَ سَأتخلَّصُ مِنها ؟ لقد مَلَلْتُ وُجودَها في وَجْهي ... فجأةً فُتِحَ دَفترُها الذي كانَ على الطَّاولةِ المُجاورةِ للمرآة ، فَقَفَزَتِ الحُروف: ج،خ،ش،ت...(. )سألتِ الحروفُ (:لماذا تَتَذَمَّرينَ ياسلمى ؟
-أريد أنْ أكونَ مثل صَديقاتِي ... إنَّني الوحيدةُ بَيْنَهُنَّ مَنْ تَبَعْثَرَتْ هذِهِ النِّقاطُ على وجهِها.
قالَ حرف )ش( : أنْظُري إليَّ، أنا أحملُ ثلاثَ نقاطٍ وَهذا مايميِّزُنِي عن صَدِيقَتي )س،( وأنَا طبعًا فخورٌ بذلكَ، فأنا تارَةً أشْعرُ بِالدِّفءِ عِندما أكونُ في كَلِمَةِ شمس، وَأبرُدُ عِندَما يَحلُّ الشِّتاءُ... لَمْ تُصْغِ سلمى لِما قالتهُ الحُروفُ ،أمْسَكَتِ بالدَّفترِ ،نَفَضَتْهُ بِقوَّةٍ حتَّى تَساقَطَتْ كافّةُ النِّقاطِ قائِلةً : لا ..لا..لا أريدُ نِقاطًا بَعْدَ اليومِ، وَوَضَعَتِ الدَّفْتَرَ في الحَقيبةِ وَاتَّجَهَتْ إلى مَدْرَسَتِها. عِندَما فَتَحَتْ مُعَلِّمَتُها الدَّفترَ لِتُصحِّحَ لَها وَظيفَتَها وَجَدَتِ الكلماتِ دونَ نقاطٍ، قالتِ المعلِّمةُ بِاستغرابٍ: ماهذا ياسَلمى؟
أنا لا أحِبُّ النِّقاطَ!
كيف سََتُمَيِّزينَ إذًا بينَ حَرفَيِّ ال(د) و (ذ) أو ال(ر) وال (ز).... ؟
كانتْ سَلمى تفكِّرُ وَلَمْ تَقُلْ شَيئا حَسَنًا. إبْتَسَمَتِ المُعَلِّمةُ وَوَضَعَتْ (1) عوضا عن (10) وَقاَلَتْ: ما رأيك؟ فوجِئتْ سَلمى فَلَمْ تَحسِبْ لهذا حِسابًا، وَتَخَيَّلَتْ كَمْ منَ المشكلاتِ سَتَحْدُثُ إذا تشابَهَ ال (1) مع ال(10) و (100) ! وَفي طَريقِ عَودتِها إلى البيتِ مَشَتْ وَمشَتْ على غيرِ هدًى إلى أنْ ضَلَّتْ طَريقَ العَوْدَةِ، نَظَرَت تارَةً إلى اليَمينِ وَتارَة إلى اليسارِ، شَعَرَتْ بِالخَوْفِ ....وَمَا انْ بدأتْ تَنْظُرُ إلى وُجوهِ المارَّةِ عَلَّها تَجِدُ وَجْهًا تعَْرفُهُ ... رأتْ فتاةً برفقَةِ والدتِها تُشيرُ إليها بِاصبعِها قائلةً بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ : ماما، انْظري إنَّها تلكَ الفتاةُ التي حَدَّثْتُك عَنْها. وَضَعَتِ الأمُّ يَدَها عَلَى كَتِفِ سَلمى وَقالَتْ :-مرحبا ياصغيرَتي. هل تنَْتَظرينَ أحدًا؟ رَدَّتْ سلمى : لا لَقَدْ أضَعْتُ طريقَ البيتِ، قالتِ الفَتَاةُ الصَّغيرَةُ بِحَمَاسَة : أنا أعرِفُ بَيتَكِ ! إنَّك تسكنينَ بجانبِ بيتِنا، أراكِ كُلَّ صَباحٍ، أرَدْتُ أنْ أشبهَكِ وأنْ يكونَ لَدَيَّ ...وَأشارَتْ بِيَديَْها لِوَجْنَتَيِّ سلمى. شعرت سلمى بِفَرْحَةٍ لا توصفُ، عَانَقَتِ الفَتاةَ قائلة لها: سُكْرا سُكْرا لكِ آه .....أقْصدُ شُكْرا شُكْرا، ثُمَّ ضَحِكَتْ ضِحْكَةً عَالِيةً جَعَلَتِ الحُروفَ في دفترِها تَرقُْصُ مع نِقاطِها على أنغامِ ضَحِكاتِها.