بلوطة الغول
قصّة من التراث الجزائري
صاغ كلماتها الكاتب الجزائريّ ياسين سليماني
كان في قديم الزّمان عجوزٌ فقيرٌ يعيش لوحدِهِ في كوخ، كانت حفيدتُهُ عائشة تأتي لرؤيتِهِ كلّ يومٍ، وتحضرُ معها كسرةً وطبقًا من الكسكسى.
تقول الفتاة: إفتح لي يا أبي عنوبة !
ويردُّ العجوز: قومي بقرع أساورِكِ الصَّغيرة يا ابنتي عائشة !
كانت الفتاة تطيعُ كلامَهُ، فيفتحَ لها العجوز البابَ وتدخل، فتنظِّف الكوخ، وتحضِّر الأكل، وعندما تنتهي من كلِّ شيءٍ كانت تعود إلى والديها اللذين كانا سعيدين لرؤية ابنتهما وجدّها متحابَّين.
ولكن في أحد الأيَّام رأى الغولُ الفتاةَ، فتبعها متخفِّيا وأخذ يسمع:
- افتح لي الباب يا أبي عنوبة !
- قومي بقرع أساورِكِ الصَّغيرة يا ابنتي عائشة.
قالَ الغول في نفسِهِ: " لقد فهمتُ، غدا سآتي، سأعيد كلمات الفتاة الصَّغيرة وسيفتحُ لي العجوزُ البابَ، وسآكله ثم آكل الصَّغيرة !"
في الغدِ حضر الغولُ أمام الكوخ وقال بصوته الغليظ:
- افتح لي الباب يا أبي عنوبة !
قال العجوز: اذهب بسرعة أيُّها اللعين... لقد عرفتك.
عندئذ ذهبَ الغول ليرى السَّاحر، فسأله:
- ما الذي يجبُ أن أفعلَه ليكونَ صوتي ناعمًا كأنَّه صوتُ فتاةٍ صغيرة؟
أجابه السَّاحر: كُلِ الكثيرَ من العسلِ، واستلقِ تحت أشعّةِ الشّمس .
خلال أسبوع كامل ابتلعَ الغولُ أرطالا من العسل، وبقي لساعات طويلة تحت الشَّمس.
في اليوم الثّامن جاء أمام الكوخ وأخذ يدندنُ بصوت واضحٍ:
- افتح لي الباب يا أبي عنوبة؟
أجابَ العجوز: قومي بقرع أساورِكِ الصَّغيرة يا ابنتي عائشة.
أخذ الغول يدقُّ سلسلةً من الحديد كان قد أحضرَها معَهُ.
فتح العجوزُ البابَ فانقضَّ عليه الغول وَالتَهَمَهُ وراحَ ينتظر الفتاة.
عندما جاءت عائشة، طلبت من جدِّها كعادتِها أن يفتحَ لها، وردّ عليها الغول، الذي لم يكن يعرف صوتَ جدِّها.
اكتشفت عندئذ ما حدث، فأسرعتْ إلى القرية وأخبرتهم بالأمر وهي تبكي.
توجَّهَ رجال القريةِ بسرعة نحو الكوخِ وهم يحملونَ معهم حزمًا من الحطب، وهناك كدَّسوهُ وأشعلوا النَّار.
اشتعل كلُّ شيء، الكوخُ والغولُ.
منذ ذاكَ اليوم، ارتفعَتْ شجرةُ بلوطٍ جميلة في ذاكَ المكان، وراحوا يسمُّونها: "بلّوطة الغول".