حطّ الرّبيع رحاله عندنا فرحت بمجيئه الأطيار والأشجار والأزهار ، واكتست الأرض أجمل الألوان ألوان تتغنّى بالحياة وبحبّها ، وأسترسلت خصلات شعر ي على كتفي تراقصها نسمات تعبق بأريج الزّهر وعبق الورد ،وأسلمت خطواتي للطريق
كان الطريق ساحليا ومتاخما للبحر بحر من زرقة متماوجة لا متناهية إنّه جمال أخّاذ رقصت له كلّ الحواسّ فتاه منّي السّمع يصغي إلي سمفونيّة أوتارها أمواج متلاحقة تداعبها نسمات ربيعيّة دافئة و زاغ مني البصر يحلّق في الأفق يلاحق طيور النورس السّابحة في الجوّ والتي بدت كما السحابات العابرة ومن حين لآخر يغوص البعض منها في لجّة البحر ولا يطيل المقام حتى يرفرف عائدا إلى الأجواء و ظافرا بصيد يبهجه .....كان الماء يرقص على إيقاع المدّ والجزر يداعب قدميّ ، أسرني هذا العالم بجماله الأخّاذ وعظمته فوقفت أتلذّذ حلاوة اللّقاء واغترفت من اللّجاج اللّجين حفنات حين استقرّت براحتيّ صدفة ( محارة) فالتقطها بكفي ورفعتها إلى أذني فأسرّت لي بأسرار المكان وقالت : -" حللت أهلا ونزلت سهلا في المدينة ذات الهلالين في شبه جزيرة يحيط بها البحر من الجهات الثلاثة مدينة لها تاريخ فأصلها رومانيّ وهي بالتّالي عاصمة الفاطميين الأولى "
" قبل أن ينتقلوا إلى مصر ، فهي مدينة قد أسّسها عبد اللّه المهدي (303هـ) فإليه تنتسب فالمهديّة تنام على حوض المتوسّط و حكمها الصّنهاجيون بعدما انتقل الفاطميون الى مصر ، ثمّ هاجمها الهلاليون فعاثوا فيها فسادا ونشروا الفوضى فيها.... ولم ترأف بهذه المدينة الأساطيل الأوروبيّة فلمّا حلّ بها الاسبان أحرقوها ( 1555م) وجاء الأتراك وأعادوا بناءها وإعمارها من جديد وأعطوها طابعا مغاربيّا "وفي مقدم تلك الآثار القلعة القديمة وتُعرف ببرج المهدية الكبير أو البرج التركي، "
....التفتّ فلاحت لي هناك أطلال مدينة سّابحة في البحر هي بقايا مدينة تعلن صمودا في وجه التّاريخ ...
فاطمة حامدي في 27 مارس 2013
تعليقات الزوار
1 .
شكر وتقدير ومحبة
سهام الدنقير
جولة تارخية ممتعة مع انسانة رقيقة وحساسة وفكرة جديدة وقيمة تجعل الانسان ياخذ المعلومة وهو يطالع وتبقى بعد ذلك فى الاذهان
compta.miramardjerba@gnet.tn - 2013-04-30 13:58:19 - والغ جربة تونس
