كان يا مكان كرمةُ عنبٍ كبيرة في مزرعة الفلاح عثمان، وكان يعتني بِها وينتظرُ نضجَ قطوف العنبِ كلَّ عام لبيعِها في المدينة.
بدأت قطوف العنب بالنّمو.قال قطفٌ صغيرٌ على طرفِ الكرمة: قولوا لي يا أخوتي القطوف: ماذا سيحلّ بنا ؟ وهل سيقطُفنا الفلاح ؟ أنا خائفٌ وأريدُ أن ابقى على الكرمةِ فالمنظر بديعٌ من هنا . ضحكت برتقالة على الشّجرة المقابلة وقالت: سيأكلك الدّود والنّحل والطّيور أيّها المسكين ...
غضبَ القطفُ الصَّغير وقال: لا لن أسمح لأحد بالاقتراب منّي.
طلبَ القطفُ من أوراق الكرمة أن تغطِّيَهُ جيّداً حين يأتي موعد القطاف فوافقت.
ومرّتِ الأيّام ونضجت القطوف، وجاء الفلاح عثمان سعيداً ليجنيَ القطوفَ لبيعِها في السُّوق.
وفعلاً قامت الأوراق بتغطيةِ القطفِ جيّداً فلم ينتبهِ الفلّاحُ للقطفِ ، وَغادَرَ الكرمَةَ وهو سعيد.
تحرَّكت الأوراقُ عن القطف ونظرَ حوله فشعرَ بخوفٍ شديد، فأصدقاؤُه قد غادروا الكرمة جميعاً مع الفلاح.
ظلَّ القطف ينتظرُ الصَّباح وبدأ يُحدِّث نفسَه: ماذا فعلت بنفسي؟ ثم يقول: لا ثمّ لا،سأكون قويّاً.
بعد بضعة أيّام شعرَ القطف أنّه ثقيل وَنضَجَ كثيراً، بدأتِ الدّبابير تلتفّ حوله، وحاولت الطّيور نقرَ حبّاته فبكى وقال : أنا مخطىء لا حياة ولا عيش بدون جماعتي وأصدقائي.
نادته ليمونة من شجرة مقابلة وقالت: عزيزي فعلا لا يستطيع أحدٌ العيشَ لوحده، فقد خلق الله سبحانه كلّ شيء لغاية وهدف، وكما انه خلقنا لمنفعة النّاس، فكيف نغيّر ما قضى به؟
لاحظ الفلاح تجمُّعَ الدّبابير حول الكرمة فقال :لابدّ أنني نسيت قطفاً من العنب، فأسرع وقام بقطفه وقال لقد تأخّرَ قطفك، ولكن سيكون طعمك ألذّ.
فرح القطفُ وقال: الحمد لله والشّكر له.