لكنّ الأمر الذي يثيرُ التعاسَةَ حقّا أنّ الكبار لم يقدروا أبدًا على الوُقوفِ جيّدًا كَمَا تتطلّب أجسامُهُم. كان يجبُ عليهم أنْ يسيروا منحني القامة، وكانوا ينظرون إلى أقدامِهم دونَ أن يروا إلى أين يذهبون.
أمّا الأطفال فلم يدركوا في ذلك الوقت هذا المشكل لكونهم صغارًا وقاماتهم لاتزالُ قصيرَة.
لذلك فلم يضطروا أن يسيروا منحنين وهم ينظرون إلى أرجلهم.
بعد زمنٍ طويلٍ أطلَّ يومٌ من الأيَّام فأصبحَ الأطفالُ كبارًا، وصار من الواجب عليهم السّير وهم منحنون. أثار هذا غَضَبَهَم فرفضوا أن يبقوا على هذه الحال.
في إحدى الأمسيات اجتمع كلّ الأطفال وقرّروا أن يرفعوا السّماء، سمعهم بعض الكهول فسخروا منهم وكانوا يظنّون أنهم يمزحون.
لكن فجأة رأوِا الأطفالَ يرفعون أعمدةً طويلةً نحو السّماء...عمودًا أوّل ، فَثانٍ، فَثالث، فَرابع...
صدرَ صراخٌ قوي : أووه، أووه، لكن لم يحدثْ شيء. بقيت السَّماءُ كما كانت دائما. لم تستطِعِ الأشجار أن تنموَ، كما لم تستطعِ العصافير أن تحلّقَ ولم يكن هناك مكان للسّحب، وبقي الكبار يسيرون منحنين دائما وهم ينظرون إلى أقدامهم دون أن يروا إلى أين يتَّجهون.
في الغدِ أعاد الأطفال المحاولة بأعمدة أطول: عمود أوّل، ثانٍ، ثالث، رابع...
صدر صراخ قوي: أووه، آآه، لكن لم يحدث شيء.
في المساء الموالي قام الأطفال المتحمّسون بالمحاولة مرّة جديدة، أخذوا أعمدة أطول من كل الأعمدة السَّابقة ، عمودًا أوّل ، فَثانٍ، فَثالث، فَرابع... صدر صراخ كبير : أووه، آآه... لكن لم يحدث شيءٌ.
في المساء الرَّابع عثروا على أعمدةٍ أطول بكثير، أطول ممّا كانوا يريدون وأخذوا يعدّون: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة. صدر صراخ قوي جدّا: أووه، آآه.
وارتفعت السّماء.
منذ ذالك اليوم أخذت السّماء مكانَها واستقرّتْ فيه.
استطاعت الأشجارُ أن تنموَ واستطاعت العَصافير أن تطيرَ دون أن تنحني للجذوع والأغصان، وأخذت السّحبُ مكانَها لتذهبَ وتعودَ كما استطاعَ الرّجالُ أن يقوموا مُستقيمي القامة وينظروا إلى السّماء.
ولكن الشّيء الأكثر إسعادا أنّ الشّمسَ حين غربتْ في تلك الليلةِ وَحَلَّ الظّلام كانت السّماء قد بالثّقوب بسببِ أعمدةِ الأطفالِ وبدأت تتلألأ...
في كل ثقب أصبحت هناك نجمة.
في المرّة القادمة حين تنظرون إلى السّماء، تذكروا أنّه بفضل الأطفال تستمتعون بهذا المشهد الجميل، وأعيدوا التّفكير بهذه القصّة واعلموا أنّها حقيقيّة.