ـــ الشعر طفولة , وهناك قاسم مشترك أعظم بين الشعراء والأطفال هو الدهشة أمام كل شيء , لذا فالكتابة للأطفال سارت بشكل متواز مع كتابتي للكبار , حتى أن المجموعة الشعرية الأولى التي صدرت لي "وطن جميل" عام 1984 كانت للأطفال وكذلك الثانية"عاليا يانجوم " التي صدرت عام 1985 عن دار ثقافة الأطفال التي كنت أعمل محررا فيها وهذا ما جعلني قريبا من عالم الأطفال وكانت في قمة نشاطها في الطباعة ثم واصلت كتابتي للأطفال حتى بعد خروجي من دار ثقافة الأطفال لأعمل بمجلة "أسفار"الثقافية خلال ذلك كتبت نصوصا مسرحية للأطفال وشاركت بكتابة نصوص لأوبريت للأطفال قدم في الكويت وكان من بطولة عبدالرحمن العقل , والحان) سليمان الملا ) ثم جمعت الأغاني في شريط خاص , وعلى أثر ذلك كلفت بمساعدة الصديق المخرج ( جمال أمين ) بكتابة أوبريت آخر ولكن اندلاع حرب الخليج الثانية ودخول الكويت أفسد المشروع رغم إنني تسلمت عربونا قبل الشروع بالكتابة وأنجزت الأوبريت لكنه لم يعرض بسبب الحرب وماتلاها من قطيعة , وفي عام 1991 عندما عملت محررا في جريدة ( الجمهورية ) خصصت زاوية لقصائد الأطفال وكنت أتناوب عليها مع زملائي الشعراء : كريم العراقي ومحمد حبيب مهدي وجليل خزعل ومحمد كاظم جواد وفاضل عباس الكعبي ومحمد جبار حسن والمرحوم خالد الخزرجي .ولهذه الساعة لم أنقطع عن الكتابة للأطفال وخلال اقامتي في اليمن في منتصف التسعينيات لاحظت عدم وجود اهتمام بأدب الأطفال فاقترحت على رئيس تحريرها ( سمير اليوسفي ) تخصيص زاوية للأطفال أنشر بها نصوصي ففعل ونالت الزاوية اهتماما ومازلت كلما أعثر على منفذ أحاول من خلاله اعادة نشاطي في الكتابة للأطفال .
* منذ سنوات وانت لم تنشر مجموعة شعرية للاطفال ، لماذا ؟
- عندما غادرت العراق مطلع عام 1994 حملت معي نصوصي التي كتبتها للأطفال لكنني فوجئت بعدم وجود اهتمام بأدب الأطفال ووجدت أن تجربة العراق بأدب الأطفال رائدة وفريدة من حيث الاهتمام فطباعة الكتب للأطفال مكلفة جدا بسبب الألوان ونوعية الورق لذا انصرف الناشرين الا ماندر عن طباعة الكتب المخصصة للأطفال.
* ماذا تعني لك الكتابة للاطفال ؟
ــــ حينما أكتب الشعر أستعيد طفولتي وبراءتي الأولى وتلمسي للأشياء لذا فالكتابة للطفولة محاولة للتحليق في فضاء شاسع من الصور والأخيلة والكلمات ,ومن يستطيع أن يقاوم مثل هذا الجمال ؟
* كنتم ومازلتم خير من كتب للوطن . اذن لماذا كل هذا البعد عنه ؟
ـــ لم أبتعد عن الوطن فهو معي في حلي وترحالي , الوطن مثل الطفولة من الصعب أن نغادرها , لكنه تحول في وجداني الى طاقة رمزية تمدني بالشعر والجمال والتحدي والاستمرار , وحين نجد أنفسنا بعيدين عن أوطاننا , جغرافيا , فذلك حدث عابر أملته ضرورات الحياة , مثلما أملت على أهلنا مغادرة جنوب العراق بأنهاره ونهاراته المضيئة وطيوره ونزحوا الى العاصمة لكن الأنهار ظلت تسبح في أرواحهم .
* اختر لي واحدة من قصائدك الجميلة للاطفال ، أنت تحبها وترددها ؟ .
ـــ أحب قصيدة ( وطن ) وأقرأها في مشاركاتي باستمرار وأقول بها:
( أبعدوا ضفدعا
عن طمى بركة
ليرى
جدولا رائعا
بعد نصف بكى
وشكى
ذائعا:
لا تفرط بأدنى وطن
ولو كان مستنقعا . )
* هل تذكر شيئا من طفولتك ؟
ــــ أتذكر أشياء كثيرة , لعلك تشاركني جزءا منها أخي محمد , أتذكر حرصنا الشديد على قراءة جريدة ( المزمار) عندما كنا في الصف الخامس الابتدائي , وكان الفنان ( طالب جبار) الذي كنا ندرس معا في صف واحد يعد قائمة بأسماء التلاميذ الذين يودون شراء المزمار التي كانت تصدر يوم الخميس ويسلم القائمة للأستاذ ( حسين ) والأستاذ ( ابراهيم ) وكانا يجلبانها لنا فنطير فرحا بها ، وفي العطلة كنا نقف معا طوابير أمام المكتبة التي قرب العيادة الشعبية في مدينة ( الصدر) داخل , بانتظار وصول مجلتي التي تصدر في أول كل شهر والمزمار , وكنا نقرأ كثيرا ونكتب وأذكر أن أول نص نشر لي في حياتي عنوانه ( للوطن نغني ) وقد أخذته أنت الى مقر الجريدة في الوزيرية ونشر يوم 3-1-1973 فكان تاريخا لا ينسى , أتذكر المجلات التي كنا نكتب باليد ونحررها مثل مجلة ( الأصدقاء ) و( الفجر ) التي كتبت عنها الكاتبة ( أنعام كجه جي ) مقالا نشرته آنذاك وهناك تفاصيل أخرى كثيرة .
* عملت في دار ثقافة الاطفال منذ زمن ، ماذا تذكر من تلك الفترة ؟
ــــ كان عملي في دار ثقافة الأطفال أول دخول لي في عالم الصحافة , وكان فيها الكثير من الأسماء من بينها: ( عبدالرزاق عبدالواحد وحاتم الصكر وفاروق سلوم ومالك المطلبي وعبدالرزاق المطلبي ورمزية محمد علي والمرحوم عبدالاله رؤوف وشفيق مهدي وصلاح محمد علي والمرحوم عبدالخالق ثروت ) وقد كنت محظوظا بهم حيث استفدت كثيرا من تجاربهم الغنية في هذا المجال واستعدت خلال عملي بالدار شغفي بمجلتي والمزمار والكتابة للأطفال .
شاعرنا يسعد في لقائه مع الشّاعر العربي السّوري سليمان العيسىوفي الصّ,رة التّاية مع الشّاعرة الفلسطينيّة المرحومة فدوى طوقان
* ما رأيك في ما يكتب الآن للاطفال ؟
ــــ هناك اصرار كبير من قبل البعض أمثال جليل خزعل ومحمد حبيب مهدي ومحمد كاظم جواد وفاضل الكعبي ومحمد جبار حسن على مواصلة الكتابة للأطفال رغم الإقصاء الذي يعانيه المشتغلون في هذا المجال وهذا دليل على اخلاص لهذا العالم الجميل الذي لا ينال من سار على دربه جزاء ولا شكورا .
* في رأيك ، لماذا يبتعد الادباء من الكتابة للاطفال ؟
ــــ أولا ليس بمقدور جميع الأدباء الكتابة للأطفال لأنها تحتاج الى مخيلة خصبة توازي مخيلة الأطفال في جموحها وكاتب الأطفال يمتلك قدرة هائلة على تبسيط الأشياء بلغة مفهومة قريبة من مدارك الطفل لها قدرة على شد انباهه وكذلك الكتاب المتخصصون الذين يمارسون هذا المجال جنود مجهولون , لأن مجتمعاتنا لا تعلي من شأن الطفل أصلا فكيف تعلي شأن من يتعاطى شعريا معه ؟ وكذلك لعدم وجود اهتمام بهذا المجال , وعند دخولي الوسط الثقافي في الثمانينيات وكنت قد أصدرت كتابين للأطفال ونلت جائزة في مسابقة شعرية على مستوى العراق ومع ذلك كان البعض ينظر لي كشاعر أطفال ليس الا ! بينما الغرب ينظر لشاعر الأطفال نظرة تقدير كبير , يقول تولستوي : ( يظن الكثيرون إنني كبير بـ ( الحرب والسلم ، بينما أنا كبير بما كتبت للأطفال ) وكان الشعراء البلغار يقصدون للشاعرة ( ليدا ميليفا ) صاحبة مجموعة ( عندما جاءت عصافير الدوري) بينما الوضع عندنا مختلف لذا انصرف الكثيرون عنه .
* مشاريعك القادمة ؟
ـــ أفكر حاليا بجمع نصوصي التي كتبتها للأطفال وطباعتها بأقرب وقت .
قطرة ندى