الفنّان المقدسيّ ابن القدس البار، الذي منح قلبه وفكره وفنّه وصوته والحانه وكاميراه للقدس، شقّ طريقه بينَ الزّحام عند باب العمود وراح يلتقط صورًا لاماكن ومواقع تطفح بالحياة والدّفء ومشحونة بالذّكريات أو مجبولة بالإيمان او مسيّجة بالكرامة او مزنّرة بالطّفولة أو متوّجة بالكهولة، والقدس غنيّة بكلّ ما تقدّم واكثر، فقد حباها الله بهالة من نور الايمان تحيط بقباب الاقصى والقيامة، وقبّة الصّخرة والكنيسة المجاورة وكأنّهما توءمان يعبقان بالأخوّة والمحبّة والمودّة والتّسبيح لله في السّماء
الفنّان المقدسيّ أحمد داري يحبّ المكان وهو يعجّ بالبشر فذاك صبيّ وصبيّة على قارعة الطّريق يتحدّثانِ عن غدهما، وتلك راهبة وشيخ يشقّان طريقا مرصوفا بالحجر قاصدينِ باب الله! وذاك حلّاق المدينة يحيط برأسٍ وفي يده مشط ومقصٌ، وذاك بائع الكعك بسمسم التي اشتهرت به القدس عن سائر مدن فلسطين، لدرجة أنّ راحته المميّزة تفوح من الصّورة الفوتوغرافيّة!
وعلى وقع موسيقا ناعمة راقصة باريسيّة خفيفة من الحان شربل روحانا وهاني سبليني استجابت عدسة الفنّان احمد داري في البحث عن صورٍ تجمع روائح أسواق القدس بالنّعناع ثمّ التّمور المجفّفة فوقع حجارة الزّهر على طاولة إلياس وعبد الله في عزّ العصر او قبيل المغرب!
ولكلّ قصّة حبكة، وحبكة الصّور في كاميرا فنّاننا احمد داري صور للقباب الداخليّة للأقصى وقبّة الصّخرة وقد ازدانت بالخطوط الآسرة لآيات قرآنيّة آية في الجمال!
ومن حينٍ إلى حين يطلّ على القدس طلبة المدارس الابتدائيّة وهم قاصدون مدارسهم صباحا او حين يشتاقون للبيت بعد يوم دراسيّ عصرا! حينها يترصّدهم بالمرصاد فنّاننا احمد داري وطاخخخخخخ يلتقط لهم صورة تصبح محفورة في سجلّ القدس!
وعند ساحة كنيسة القيامة يلتقي المؤمنون والمارّون وأهل القدس وأهالي الشّمال والجنوب، فالمكان عزيز مقدّس، ويحلو اللقاء به وتحلو الصّورة عنده !
وفي الفيلم المصوّر الذي صمّمه الفنّان احمد داري تطلّ علينا حمامة راقدة كأنّها تهدل للقدس اغنية فتقول: يا قدس يا حبيبة السّماء!