بقلم: الطفلة صالحة حمدين
عرب الجهالين- ابو ديس - فلسطين
يقدّمها
محمد بدارنه
من زارَ قريةَ عربِ الجهالين يعلمُ علمَ اليقين أنّ الحياةَ تدبّ في عروق أهلِها وأصحابِها ، بل إنّ النّعاجَ والماعزَ والغنماتِ التي تقاسِمُ أهلَها العيشَ فيها خيرُ معلّمٍ وملهمٍ لنا للتمسّك بالحياةِ وحبِّ المكان وعشقِ الوطنِ ولو جارَ الدّهر ولو قست ظروف الحياة، واظنّكم تعلمون أنّنا حين نتحدّث عن الحياة القاسية في عرب الجهالين فنحن نتحدّث عن قرية بلا مدرسة ولا عيادة ولا تلفون ولا كهرباء ، والمياه لا تتدفّق في البيوت كما هو حال معظم سكّان العالم، فهل تتخيّل يا صديقي نفسك تحيا شهرًا او سنةً او اسبوعًا على الأقلّ في هذه القرية؟
لا تقلق ولا تحزن، فأهل عرب الجهالين يحبّون الحياة ويحبّون المكان ، بل يعشقون تحدّي الصّعاب، والطّفلة ، الأديبة الواعدة ، صالحة حمدين ، من الذين ولدوا في عرب الجهالين ولعبوا فوق الصّخور المحيطة بخيمتهم او قل بيتهم، وهي تحفظ دروب قريتها والمناطق الوعرة المحيطة بها مترا مترا، ولشدّة حبّها لبيتها وللنعاج والغنمات التي رافقوها طفولتها راحت منذ نعومة اظفارها تتأمّل نجوم السّماء، وأحيانا يطلّ القمر عليها وهي تحلب الغنمات، فيتبادلان الحديث والسّلام، وتظلّ صالحة تحلّق مع القمر في سماء الخيال، حتّى باتت أديبة تكتب القصص الخياليّة للاطفال، لا بل فازت بالجائزة العالميّة في كتابة القصّة الخياليّة، جائزة هانز كريستيان على اسم الاديب الدّانماركي، ويفرحنا ويسعدنا ويغبطنا ويسرّنا يا اصدقائي أن نقدّم باسمكم للأديبة الفلسطينيّة الرّائعة قلادة القدس وتاج الأدب وطاقة وردٍ ومليون تحيّة على قصّتها الرّائعة
" حنتوش"
إسمي صالحة،
أنا من مدرسة عرب الجهالين،
أعيش في خيمة صغيرة في وادي أبو هندي،
عمري 14 سنة.
في النهار أدرس في مدرسة القصب، وقد صنعوها من القصب لأنّ الجنود أعلنوا أن أرضنا منطقة عسكرية مغلقة, حيث يتدربون على إطلاق النار في منطقة الزراعة.
يعيش معنا في الخيمة سبعون نعجة، وأقوم أنا بحلبها بعد أن أعود من المدرسة، وأصنع الجبن ثمّ أبيعه لأهل المدينة.
الطريق هنا وعرة لأن الجنود يمنعونا من تعبيد الطريق، ويتدربون على إطلاق النار في الليل، وأنا أكره صوت الرصاص، أكاد أجنّ منه، فأهرب، نعم أهرب.
لا يوجد لدي دراجه هوائية، لأن الطريق وعرة، ولا سيارة عندي ولا طيارة، لكن عندي شيء أستخدمه للهروب. إقتربوا، إقتربوا، سأوشوشكم سراً، عندي خاروف يطير إسمه حنتوش، لونه أسود وأذناه طويلتان، له جناحان سريان يخبئهما داخل الصوف، ويخرجهما، ونخرجهما حين أهمس في أذنيه
يا حنتوش يا خاروف
أطلع جناحيك من تحت الصوف
أغني في أذنيه، فيما يبدأ الجنود بالتدرب على إطلاق الرصاص، وأركبه ويطير بي، والبارحة هربنا إلى برشلونة. سنقول لكم شيئاً، في وادي أبو هندي لا يوجد ملاعب أصلاً، لأن الأرض مزروعة بالألغام.
وفي برشلونة قابلنا "ميسي" صاحب الأهداف الكبيرة، لعبنا معه لساعات طويلة، خروفي حنتوش كان واقف حارساً للمرمى، وأنا أهاجم ميسي وفريقه، أدخلنا في مرماهم خمسة أهداف.
أراد ميسي أن يضمني أنا وحنتوش إلى فريق برشلونة لكننا رفضنا، نريد أن نعود إلى أبو هندي لأن الأغنام هناك تنتظرني فلا يذهب أحد غيري ليحلبها، فأبي في السجن منذ ست سنوات وبقي له تسعة عشر سنة. سأقول لكم سراً: أخبرني ميسي انه سيزور وادي أبو هندي بعد سنتين.
سنقيم مونديال 2014 في وادي أبو هندي، سننظف معاً الأرض من الألغام، وسنتبني أكبر ملعب في العالم، وسنسميه ملعب حنتوش، وسيكون الخاروف شعار المونديال.
وأهلاً وسهلاً بكم جميعاً في وادي أبو هندي، نحن جميعاً بانتظاركم