مسعد خلد، وُلِدَ في بيت جن الجليليّة، وَفيها رضعَ حليبَ أمِّهِ كما رضع أنفاسَ وحكايا أمِّهِ الثّانية واسمها بيت جن، 

حارة العزامية هي إحدى الحارات الشّعبيّة القديمة في بيت جن، والحارة جمعت في بيوتِها الحجريّة نسيجًا رائعًا من حمائل مختلفة ربطت بينها همومٌ مشتركة ربّما اوحَتْ إلى لينين، بعد مئات السّنين، للتّأمّل والتّفكّر وللتفكير في الاشتراكيّة! أو على الأقلّ هذا ما يظنّه الكاتب! الكاتب موضوعيٌّ في تقييمه، فحارة العزاميّة تستحقّ كلَّ التأمّل والامثال والأقوال والمواويل، ولفرط حبّه للحارة بات الكاتب يغنّي لها صباح مساء, وعزا حبّه للحياة إلى نسائمها النّاعمة، وراح يقلّب كل حجر فيها عساهُ يجد حكاية تختبئ تحته او مثلا يرقد جنبه او تاريخا يؤرّخ مجدَ اجداده!

ويشرع الكاتب في بابه الأوّل مورّثا أغلى كنوز العزامية من الاجداد للاحفاد، لكنّه يشحننا بالمثل الذي يقول: ما اغلى من الولد، إلا البلد. وتتوالى تباعًا الأمثال الأصيلة، ولكلّ مثل قصّة،

تعالوا بنا، على سبيل المثال لا الحصر، نسيح في باب الأرض والوطن، وقد أسماه " اللي بنسى أهلو، بنسى أصلو"

ويضيف الكاتب:

أمّا الفلّاح البسيط، الذي عايشَ سحرَ الطّبيعةِ، وتذوّقَ نقاء الأرض، مهتديًا بعطر النّسيم، فقد عبّر عن أحاسيسه ومشاعره، باستعمال المثل الشّعبي: " أرضك عرضك" أو المثل: " الارض مش بالشّبر ، الأرض بالفتر" أو المثل: " اللي ماله جذر، يموت قهر" ، أو المثل " حجر على حجر بيصيروا سنسلة"، 

ويضيف الكاتب العربيّ الدّرزيّ البيتجنّاوي الأصيل: لقد أدخل القرويُّ الطّبيعَةَ إلى غزلِهِ، كقوله واصفًا معشوقتَهُ: " عيونها زرق مثل نوّار العلت" ، او : " خذها مثل التّفاح الزّبداني"، أمّا شجرة الزّيتون التي باركها الله في كتبه السّماويّة، فقد حظيت بالاحترام في كروم بيت جن وفي الامثال الشّعبيّة : مثل ما بدّك من الزّيتون ، بدّو منّك"، او " زيتونتك وطّيها وتينتك علّيها "، أو " كل زيت وناطح الحيط"، " الزّيت والزّيتون عماد البيت"،و" إذا كان في البيت زيت ، رقَصِتْ انا وغنّيت"، و" خلّي الزيت في جراره، حتّى تيجيك اسعاره"،

وبعد، 

ففي الكتاب حلو الكلام عن حلو المكان، إذ تظلّ بيت جنّ أجمل وطنٍ للكاتبِ في وطنه الكبير، وتظلّ العزامية أجمل الأوطان في أروع وطن! ويستحضر كاتبنا كلامَ كلّ من تغزّل ببيت جن ومنهم، الشّاعر المرحوم " أبو بهاء أمين ابو جنب"، إذ قال:

يا بيت جن يا مراتع نشوتي يا زعترا يذكي صبا الأجواء

أنت التي وقف الزّمان لاجلها في موقف الإجلال والإطراء

فما رأيكم، يا زوّار الحياة للأطفال، أن أترك لكم فرصة الإبحار في صفحات هذا الكتاب الرّائع، واسمه كما اتّفقنا: حارة العزامية للكاتب مسعد خلد!