كان الاهتمام بتنمية الميول القرائية لدى الاطفال الدافع الرئيسي لإنشاء نادي الحكاية ايمانا بقدرة الحكاية على معاضدة الجهد المبذول من أجل إعادة الكتاب إلى دائرة الاهتمام.
ثم إن الحكاية كتاب مسموع يتلقاه ناس كثيرون في آن واحد في مكان واحد.. في البيت أو في النادي أو في السوق.
وأداء الحكاية فن مارسته الجدات والأمهات في البيوت، واحترفه الحكواتيون في الأسواق والساحات...
وكان يا ما كان...
التطور المادي المذهل للمجتمع أضرّ بالرّوح وبالمعنى فخسرنا في ما خسرنا.. الحكاية والحكّائين..
ويحاول نادي الحكاية أن يتدارك.. فكانت البداية تنظيم دورات تدريبيّة مكثّفة لتكوين الحكواتيين تولاها مختصون من تونس ومن دول شقيقة وصديقة مما سمح بتأهيل أعضاء النادي لتنفيذ عروض منتظمة في عديد المؤسسات التربوية والثقافية كاستكمال تطبيقي ميداني ولإشاعة الحكاية وسيلة أصيلة للتربية في المدارس ورياض الأطفال...
...إلى أن بلغنا المهرجان... مهرجان الحكاية...
تظافرت جهود كثيرة لإنجازه وإنجاحه، ونعتقد بأن معظم ما خطّطنا له تحقّق.
انطلق المهرجان في 27 أفريل، واستمر حتى 12 ماي 2012..
قدم عروضا جماعية كبيرة وعشرات العروض الحكائية في المدارس والنوادي ورياض الأطفال ودور الثقافة والمكتبات.
طاف بمعظم مناطق صفاقس.. المدينة والمناطق الريفية و الاحياء الشعبية، وواصل التّكوين لأعضاء النّادي من خلال محاضرات وشهادات ومعارض وورشات في فن الحكي قدمها ضيوف المهرجان المتمرسون.
حكايات من فلسطين عنوان العرض الافتتاحي للمهرجان، وهو الذي أنجزه تلاميذ المعهد النموذجي بإشراف أستاذهم غسان كمون، وبمشاركة متميّزة للحكواتي الكبير القادم من فلسطين : سلمان ناطور.
أدخل العرض الحكاية في السفر الشهرزادي الضخم، ووثق اللحظة الفلسطينية في لوحات من التمثيل والرقص والموسيقى ومن إحدى اللوحات - الصفحات طلع سلمان ناطور وتدفقت من ذاكرته الفلسطينية الخصبة حكايا الوطن والناس بسيطة ومعقدة. ساخرة وجادة... كما هي تماما إلا ما يراوغ به الفنان جمهوره حين يختار فيعلن ما يريد وذلك حضور الذات في الفن.. وحضور الموقف أيضا..
عرض "حكايات بلا حدود" قدمت فيه الحكواتية رائدة القرمازي وابنتها سحر مزيد باقة من الحكايات العربية و العالمية باقتدار فأبهرتا وأمتعتا... وكانت رسالة العرض أن الحكاية هي الحبل السري الذي يربط بين كل الشعوب والثقافات بأواصر لا تنقطع عراها.
وفي الجزء الثاني من العرض قدم تلاميذ الإعدادية النموذجية حكايتهم بإشراف أستاذهم نجم الدين بلغيث وبمشاركة الحكواتية المصرية مها ثاقب مع وجبة موسيقية دسمة أمنها الأستاذ عادل المحجوبي وتلاميذه . كان عرضا متميزا للحكاية والمسرح والموسيقى ومحطة متألقة من محطات المهرجان.
العرض الثالث تكريمي لشاعر العروبة الكبير سليمان العيسى الذي كتب للأطفال العرب أجمل الأشعار فتغنى بها أطفال المنظمة التونسية للطفل في حفل موسيقى جميل أعقبته حكايات الشاعر العيسى رواها الحكواتيان العربيان صلاح الدين تركي من الجزائر ومحمد حسن عبد الحافظ من مصر.
حفل الاختتام عرض لنادي مسرح السلام بإشراف الأستاذة منى الجموسي
" حكايات أمي سيسي في المجلس التأسيسي"
حكاية تونس الثورة وما بعدها.. النجاحات والاخفاقات والحرية التي كسبها الشعب ولن يتنازل عنها.. حرية فكر وحرية وإبداع.. وحرية نقد كسرت الأصنام وألغت الممنوعات.. كل ذلك في إطار فني فيه الرقص والتمثيل.. وفيه الغناء والشعر، وفيه الحركة التي جعلت خشبة المسرح تنبض.. والحكاية الإطار هي حكاية أمي سيسي الشعبية الأكثر انتشارا في تونس. وضمنها اندرجت مساهمة الحكواتيتين مها صلاح من اليمن وسوسن كانون من نادي الحكاية.. وتونس الثورة هي الموضوع المركز في المساهمتين إن تلميحا أو تصريحا.
بين هذه المحطات الكبرى كانت عشرات العروض للحكايات في المدارس في زنقة بن سعيد - الرفيفات بقرقور - نقطة - حي البحري - محمد الجمل - عين شيخ روحه - ابو القاسم الشابي - نور المعارف - ابن رشد - الهدى و الاعدادية النموذجية بصفاقس
و كذلك في نوادي الاطفال بالعين - العامرة - جبنيانة وفي رياض الأطفال الانطلاقة - البراءة - الاشراق
و في المكتبة الجهوية و المكتبات العمومية في ساقية الزيت - المحرس - سيدي الميراتي - النموذجية بالحديقة و في دور الثقافة بقرقنة ومنزل شاكر
كما قدم عروضا في دار فرنسا وفي المركب الثقافي محمد الجموسي و في مركز القاصرين ذهنيا وفي المزونة من ولاية سيدي بوزيد وفي سوسة تبادلا مع مهرجان أيام الفداوي الذي تنظمه المكتبة الجهوية بسوسة .
في جانب آخر ومواصلة لبرنامج تكوين الحكائين الشبان من أعضاء نادي الحكاية قدم الأديب و الحكواتي الفلسطيني سلمان ناطور محاضرة عن تجربته في جمع وسرد الحكايات.
وحاضر الدكتور محمد حسن عبد الحافظ من مصر عن ينابيع الحكايات : التراث الشفوي والمأثور الشعبي، وحاضرت مها صلاح وهي قاصة وحكواتية من اليمن عن التلقائية في سرد الحكاية
كذلك وفي باب الاطلاع على مختلف التجارب والتقنيات في سرد الحكاية انتظمت في صلب برنامج المهرجان ورشات ثلاث :
- الحكاية مغناة نشطها الأستاذ المختص في علم اجتماع الموسيقى محمد المصمودي.
- القراءة بصوت مرتفع - من تنشيط الحكواتي وأستاذ المسرح محمود عبد النبي.
- الحكاية باستعمال الأقنعة - من تنشيط الفنان والأستاذ بالمعهد العالي للمسرح محي الدين بن عبد الله..
وهو الذي أقام معرضه الطريف والمهم "أقنعة وحكايات" في بهو المركب الثقافي محمد الجموسي من 7 إلى 12 ماي 2012.
لقد جاءت الدورة الأولى لمهرجان الحكاية بصفاقس التي نظمت من طرف جمعية دنيا الحكاية وجمعية أحباء المكتبة والكتاب والمركب الثقافي محمد الجموسي بإشراف المندوبية الجهوية للثقافة بصفاقس وبدعم من شبكة حكايا التي تشرف على مشروع عربي متوسطي لاعادة الاعتبار للحكاية يموله الاتحاد الأوروبي و بمساهمة دارفرنسا بصفاقس .مكتنزة بالحكايات والورشات التكوينية والمحاضرات والمعارض وهي دورة تأسيسية حازت كثيرا من الرضا ومن الاهتمام وقد كان وعد منظمي المهرجان في حفل الاختتام أن يبدأ العمل من الآن على التخطيط للمهرجان القادم ليكون أحلى وأجمل وأكمل.
"وحكايتنا هاباهابا، والعام الجاي تجينا صابة "