في باقة الغربيّة، الملاصقة لباقة الشّرقيّة،
وقبلَ أن تفصلَهما الخارطة الشّكلية عام 1948،
ولدَ الطّفل فاروق إبراهيم مواسي،
واختلطت طفولتُهُ بأصوات البارودِ وبانفجاراتٍ شديدة إثرَ قصفٍ متتالٍ، وهناك نزوحٌ ولجوءٌ، فالحربُ هي عام 1948، وما لبثت أن هجمت حرب عام 1967، فلم ترحما بشرًا ولا حجرًا، أو شجرا! وشاهدَ الطّفل فاروق هذا المشهد وذاكَ بأمِّ عينيهِ!
في سيرةِ حياةِ الأديبِ فاروق مواسي رحلة من المعاناة والحرمان،
وفيها المواجهة لأعتى الظّروف وأيّام القهر والفقدان،
وفيها الحنين للأقرباء في النّزلةِ الشّرقية، ولقرية عين الغزال- هذه القرية الغزال التي كانت قرية وادعة جميلة تحمل من الأسماء ما يليق بها، وفيها سكنَتْ يومًا جدّتُه عائشة!
وعاشت عائشة في باقة تروي لفاروق الحفيدِ عن عين الغزال أجمل الحكايات، وعمق المأساة!
في قراءة سيرة هذا الفاروق على القارئ أن يتوقّع من المِحن ومن عوائق الدّهر ما لا يمكن لطفل أن يتحمّله لولا رحمة الله!
وهكذا كانت حياة فاروق مواسي تصبو إلى البعيد، وذلك في قرية أصبحت أولاً محصورة، ونقطةً على الحدود!
لا بل إنّ غرفة الصّفّ الأوّل التي درسَ بها الطّفل فاروق كانت على الحدود تمامًا!
وحولها البارود قد يندلع كلّ لحظة! وهناك في قلقيلية خالة تشرّدَتْ! وثمّة قصص كفاح على مدار الزَّمن!
عام 1959 أنهى فاروق مواسي تعليمه الثّانوي في الطّيبة!
مارسَ مواسي مهنة التّعليم بداية في صفوف البستان والأوّل والثّاني!
ثم حاز فاروق مواسي الشّهادة الجامعيّة الأولى، فدرّس اللغة العربيّة عام 1974 في باقة الغربيّة الثانوية، وقبل ذلك بقليل حاز لقب "حافظ القرآن الكريم" بعد أن تغلب على أكثر من خمسين متسابقًا، فأثرى القرآن لغته، وهذب أسلوبه اللغوي.
عام 1978 بدأ الكاتب فاروق مواسي ينشر في صدى التّربية!
استكمل فاروق مواسي دراسته الأكاديميّة وأبحاثه في اللغة العربية ونشر منها العديد حتّى أصبح علمًا في اللغة العربيّة، يشهد له أرباب اللغة وأساتذتها.
كتب د. فهد أبو خضرة مقدّمًا البروفيسور مواسي:
"فاروق باحثٌ جادٌّ، له العديد من الدِّراسات في مجال الأدب - شعره ونثره، قديمِه وحديثِه، بالإضافة لأبحاث اللغة. وهو ناقد متمرٌّس واكَبَ الحركة الأدبيّة في بلادنا وفي الأقطار العربيّة بإنتاجه النّقدي الغزير، وعبّر عن آرائه بنزاهة وموضوعيَّة. وهو كاتب متميِّز فيما نشر من مقالات وخواطر، ذو نظرة ثاقبة وفكر تقدمي متَّزن، وأسلوب واضح مشرق التَّعبير".
حبّي فلسطيني
الأرضُ أرضي وليس الشوقُ يَبريني
الشّوقُ يحدو إلى حبّي فلسطيني
دَرَجتُ فيها صغيرًا رُمتُ مأثرةً
من كلِّ جدٍّ منَ الغُرِّ الميامينِ
شَبَبْتُ فيها أنيسًا عاشقـًا بلدًا
رغمَ العداءِ فطارت لي حساسيني
زُروعُها من جنان العدنِ أطيبُها
اللهُ بارك في تيني وزيتوني
أيامُها ألقٌ، عطاؤُها غدقٌ
وفوحُها عبقٌ في عزّ تشرينِ
قالوا :بلادي بلا أهل ٍ بلا سكنٍ
يا بئس ما مكرتْ أوهامُ مأفون
فشرّدوها قرًى كانت برَغْدتِها
من بروةٍ، بصّةٍ، ميعار دامونِ
* * *
القدسُ تشرقُ في أبهى سرائرِكم
إسراؤها الوجدُ في الدّنيا وفي الدّينِ
قد جاءها عمرٌ في فتحِ عزتّها
كُرمى له كرُمت لِـيناً على لينِ
والكرملُ الزّهوُ في أذانِ مِنبرِنا
جليلُنا سيرةٌ تَسري بِتلحين
مثلّثٌ سالَ في همْسٍ بخُضرتهِ
يا باقتي - باقةَ الأزهارِ ضُمّيني !
يافا وحيفا وشطُّ البحرِ في لهفٍ
وموجُهُ جنَُّ من ترديدِ مَسكونِ
يا رؤيةً خضِبتْ واخضوضرتْ شجنًـا
جناحُها الشّوكُ في ظلِّ البساتينِ
تستنطقُ الصّخرَ هل في الصّخرِ من حجرٍ
ليُهربَ البومُ من آلامِ نِسرينِ؟
من كفر قاسمَ "احصدْ " صاح ناعقُهم
مجازرٌ سبقتْ في ديرِ ياسينِ
والدمُّ يُزهرُ أطفالاً فيغرسُهم
جذراً يُطلُّ فأسقيه ويسقيني
اللهُ اكبرُ كم جاشتْ جيوشُهُـمُ
تبغي انتهائي فتزهو بي شراييني
أبقت بجالوتَ يومَ النّصرِ أغنيةً
ظلّت تناغي بها أنغامَ حطّينِ
ظلّت لنا أملاً ، تحلو لنا مُقلاً
تروي لنا عسلاً - كلََّ الأفانينِ
أُسلّمَ العشقَ تَحناني برونقِه
والشوقُ يحدو إلى
حبّي فلسطيني
******
قصائد للأطفال من أشعار فاروق مواسي
دَرّاجتي تََجوبُ قريتي
دَرّاجتي تََجوبُ قريتي
درّاجَتي في نُـزهَـتي
أركبُـها في فرحـةِ
أُحبُّهــا لأَنَّـنـي
أَجوبُ فيهـا قريتي
وقريتــي حقولُـــها
كأَنّــها في الجـَنَّـةِ
وقريتــي جَميــلةٌ
مرسـومةٌ كَاللَّـوحـةِ
أطوفُ يَومــيًّـا بِـهـا
مِن حارةٍ لـحارةِ
ركبتُ أَبْــغـي حاجَتـي
وباحِثًـا عن رِفْقَـتي
درّاجتي أنيـقَـةٌ
وسَـيـرُها في خِفَّــةِ
لكِنّـنـي مُـحـاذِرٌ
ألاّ تَكونَ وَقْـعَـتي
فالخَوفُ كلُّ الخَوفِ مِن
مَخاطـِرِ السّيّارةِ