ــ يوووه ه....الى متى انتظر داخل هذا السجن الإجبارى...لماذا انتظر الفقس الجماعى...لن أنتظر ..لن
أبقى؟ لابد أن أتحدى الطبيعة. حدث أبوذنيبه نفسه ضجرا ... وقرع بذيله.كش.. كرع.. كرع... جدار البيضة وإخترقه، وخرج، فوجد بقية إخوته داخل البيض ينتظرون إكتمال نموهم وإذن الطبيعة . تدحرج أبوذنيبه متخلِّصا من بقايا البيضة، ومكوِّنات الحياة، ونظر مشمئزّا لبقيّة البيض السّاكن.
وسبح نحو رمال الشّاطئ عند النّهر الذى يجري فى الغابة المطيرة. حيث وضعت التماسيح البيض مدفونا. إنتظر يوما كاملا، متمدّدا فوق الرّمال، تارة وداخل المياه تارة أخرى. حتى سمع ضجيج الحياة القادم من الشَّاطى، فسبح باتِّجاه الضَّحيج، لقد فقس بيض التَّماسيح وسبح الصِّغار تّجاه النّهر
وظنَّ نفسه منهم, وتبعهم نحو النَّهر مبتعدا عن إخوته الذين خرجوا والتفت قائلا: أنا لست منكم أنظروا إلى ضآلتكم ولون أجسادكم الطينيَّة .. أنا ابن تمساح. سوف أذهب من هنا وأتبع عشيرة التماسيح إنهم لايشبهونكم. وبصق عليهم مودعا وهم ينظرون اليه ملوحين له باذنابهم النابتة حديثا: أنت تشبهنا تعال الينا لاتتركنا لم يلتفت إليهم ومضى..
كانت صغار التّمساح تضرب المياه بقوَّة وهو خلفهم .عندما اكتمل تكوينه صار علجوما. فلفظته صغار التماسيح وابتعدت عنه قائلين له : إذهب بعيدا عنا.أبحث عن عشيرتك أنت لست منا أنت علجوم غادر الى اليابسة.
صرخ فيهم لا أنا تمساح وفرض نفسه عليهم حتى ضجروا منه، ومن شكله القمئ. فذهبوا به الى جدِّهم الكبير الذى يعلم أسرار الأجناس والعشائر. وينظم للتماسيح حياتهم فهو محل احترامهم وهيبتهم فى النّهروالجزيرة . كان ساكنا مغمض العينين فاتحا فمه، للعصافير تقوم بتنظيفه وتخرج البقايا من بين أسنانه الحادة غير خائفة.
إرتعد أبوذنيبه هلعا حين رآه ،فتساقطت الدُّموع من عينيه غزيرة ، أراد أن يثير شفقته... فتح التّمساح نصف عينه والأخرى مغلقة ، مستمتعا بنقرات مناقير العصافير التى تسرى خدرا لذيذا فى جسده الضخم المسترخي. منبطحا على رمال الجزيرة النَّاعمة. لايكدّر صفو حياته سوى الدّخلاء. وسأله غير مرحبا: ماذا تريد أيها العلجوم قال بصوت حزين: منذ صغري وأنا مع صغاركم وكنت أحسب نفسي منكم.
عندما اكتمل تكويني صرت علجوما.لم استطع قهر قانون الطَّبيعة. وأغير تكويني ،ولم أختر أن أكون علجوما ، ولكن عشت مع صغاركم لا أعرف إخوة غيرهم .أطلب سماح العيش بينكم ،والإعتراف بي تمساحا معاقا أو مخلقا او... زفر التمساح زفرة عارمة . تركت حفرة فى الرّمال أسفل فمه. ففرّت العصافير وجلة . ظنَّته سيطبق فكّه عليها من الغضب. وفتح عينيه على اتساعهما مزمجرا، أنت علجوم حقير تركت عشيرتك لتعيش معنا وأنت لاتشبهنا. فكيف نثق بك وقد خنت قانون الطَّبيعة, وتركت جنسك وعشيرتك .قال أبوذنيبه العلجوم: أرى بينكم كائنات أخرى تعيش فى المياه معكم . قاطعه التّمساح هل أنت مثلهم ألم ترى صورتك على صفحة المياه؟... أنت ضعيف ونحن لا نقبل الضّعفاء بيننا ، ولكنّنا نتعايش مع الكائنات القويه الفخورة بعشيرتها ونوعها وتقدر قانون الطّبيعة راضية .هل تشبه الأسماك أم الثّعابين..أ.. ؟
ششششش فقد أبوذنيبه السّمع ولم يصدّق ما جرى له. رفع التمساح ذيله زاحفا نحوه ففر الجميع من أمامه. سبح أبو ذنيبه العلجوم تجاه الشاطى عله يجد العلاجم .وكان الطّقس باردا أوشكت أطرافه الضَّعيفة أن تتجمّد. خرج الى البرّ ونظر حوله ولم يجد أثرا للعلاجم .تقوقع على سطح حجارة متراكمة على الشّاطئ.
حزينا يلوم نفسه ،كيف له أن يترك ابناء عشيرته، ويتعرَّض لكلّ هذا الذلّ. تناهى إلى مسامعه حفيف أوراق الشّجيرات اليابسة وفحيحا مخيفا لزاحف بري أرعد أوصاله. وصار يرتجف لقد شعر بوحدة قاتلة, والظّلمة الحالكة تلفّ المكان، وقد هدأت الأحياء واختفى القمر. عندها رأى ثعبانا ضخما يزحف تّجاهه. نظر إليه الثّعبان مليا ثم قال له: لماذا لم ترافق العلاجم فى بياتها الشّتوي؟ قال أبوذنيبه: أنا لا أعرف البيات الشتوي.....!!! كشّر الثّعبان عن أنيابه وقال : لابدّ إنّك مخلوق عاق، و جاهل كيف لاتعرف عادات بنى عشيرتك؟ وتعرض نفسك لزمهرير الشّتاء .؟قال أبوذنيبه العلجوم لقد ظننت نفسى تمساحا.! عندما كنت صغيرا، وتبعت صغار التّماسيح، حتّى اكتمل تكويني فلفظوني لأنّي صرت علجوما ولست من عشيرة التّماسيح ، قال الثّعبان ساخرا: إنّك لاتصلح لشئ سوى أن تكون وجبة شهيّة لى هذا المساء البارد .لن تجد من يدافع عنك.لقد فارقت الجماعة واقصيت نفسك ،وانكرت جنسك، فمعدتي أولى بك وهجم عليه طخ ..طج..جق ..وأوعقرقشقش وإبتلعه دفعة واحدة .
لم يتمكّن حتّى من الهروب. دخل أبوذنيبه العلجوم السّجن مرّة أخرى.. بطن الثعبان الضيّق وظلّ يتلوّى والثّعبان يعتصره حتّى هدأ.ولم يجد منفذا للخروج حيّا وتحلّل لعناصره الأوليّة، منقادا لقانون الطّبيعة لتكتملّ دورة الحياة. ونام الثعبان...خخ ...خخ... سعيدا