بقلم الكاتبة فاطمة حامدي - تونس
إنّي لازلت أذكر ذلك اليوم ، كان اليوم الأوّل من شهر أفريل ، يومها جئت كعادتي إلى المدرسة والشّوق يغمرني لملاقاة صديقاتي لنتبادل الأخبار والأحاديث بعد عطلة نهاية الأسبوع ...
وما كدت أدخل ساحة المدرسة حتّى رأيت بنات قسمي ملتفّات حلقة ضيّقة ممّا أثار فضولي فحثثت الخطى لألتحق بهنّ غير أنّه بدا لي أّن لا مكان لي اليوم معهنّ حين خيّم على المجموعة صمت أثار حيرتي ودهشتي واستغرابي ..همست لإحداهنّ -
"ما الأمر ؟ماذا يحدث ..؟
فتجاهلتني هي الأخرى لامبالية ....عندها ابتعدت متثاقلة متسائلة ..؟..؟..
وما كدت أخطو بعض الخطوات حتّى علت ضحكاتهنّ فأثار ذلك حزني وبكيت بكاء مريرا وقلت إنّ مكيدة تحاك ضدّي ......
رنّ الجرس واصطففنا لتحيّة العلم ..
ودخلنا القسم وخيّم على الفصل صمت على غير العادة وتساءلت المعلّمة
-" ما الأمر...؟ ما بكم ؟؟؟ماذا حدث؟؟؟
تسأل وهي كعادتها تمرّ بين الصّفوف وتتطلّع إلى وجوه ألفتها مستبشرة كلّ صباح.....
وقفت إلى جواري وربتت على كتفي وسألتني "
- ما بك صغيرتي تبكين ؟
"أجبتها والعبرات تخنق صوتي "
- بنات قسمي.....صديقاتي .....
ولم أكد أنهي كلامي حتّى علت ضحكاتهنّ مدوّية داخل القسم ووقفت "سمر " مقهقهة توضّح الموقف :
- " سيّدتي ..إنّها "كذبة أفريل" فاخترنا صديقتنا "سوار" لنوقعها في شباك خطّتنا
" ابتسمت المعلّمة .....
واستأنفت الدّروس دون أن تعلّق أو تبدي رأيها فيما حدث ممّا زاد من غيضي وألمي ....
مرّ الوقت ثقيلا وبدت لي السّاعتان كأنّهما دهرا وما وعيت من الدّروس حرفا ..
لقد كنت حبيسة أسئلة عديدة ..
-" لماذا "سيّدتي" لم تنصفني ؟
هل بدا لها الأمر عاديّا وهي التّي كانت دوما تواجهنا بأخطائنا وتصوّب سلوكنا ؟
أم تراها هي الأخرى مقتنعة ب"كذبة أفريل"
رنّ جرس الخروج فهممنا بجمع أدواتنا غير أنّ المعلّمة نبّهتنا إلى أنّ الحصّة لم تنته بعد وقالت :- "لنا مسألة لم ننهها بعد"
فتبادلت الوجوه نظرات متسائلة......
قالت المعلّمة لصديقنا "حسام" وهو أكثرنا نضجا ورصانة واتّزانا وكنّا نناديه بـ"حكيم القسم :-" ما رأيك في "كذبة أفريل " أجاب مستنكرا :
" ما علمت الأشهر تكذب.....
إنّ الكذب من صنع الإنسان ..والكذب صفة غير محبّذة لأنّه طريقة إلى بثّ الشّائعات واختلاق حكايات لا علاقة لها بالحقيقة فتثير المشكلات بين الناس وتسبّب القطيعة بينهم .....
و إن تعوّدنا على المزاح بالكذب فإنّنا بذلك نألفه ( الكذب) ونتعوّد عليه فنقتل فينا الصّدق ونفقد بذلك ثقة الآخرين بنا " ...
صوّبت المعلّمة نظرات اللّوم إلى صديقاتي وسألتهنّ رأيهنّ فيما سمعن ...
فطأطأن رؤوسهنّ ندما .....
عندها تنفّست الصّعداء في يوم كدت أفقد ثقتي بأصدقائي وأيضا "بمعلّمتي "....
حقّا إنّ الكذب آفة سيّئة العواقب .
( أحداث النّصّ واقعيّة سنة 2010 وأرفع تحية حرّى لشخصيّاته هم تلاميذي 6 ..
كانوا يشدّون أزري حتى يتواصل المشوار دون كلل أو ملل)