كانَ الكلبُ في قديم الزَّمانِ يعيشُ لوحدِهِ في الغابات وليسَ في المنازل كما في وقتِنا الحاضر.
في أحدِ الأيَّام قرَّرَ الكلبُ ألا يعيشَ بمفردِهِ، وراحَ عندئذ يبحثُ عن رفيق.
تجوَّل وقتا طويلا دون أن يتعرَّفَ على أحدٍ، وفجأة رأى أرنبًا بين شجرتينِ يسارِعُ في الابتعاد.
صَرَخَ الكلبُ: "آه أيُّها الأرنبُ الصَّغير، لا تهربْ، إستمع إليّ ! ألا تريد أن نعيشَ سويّة؟ سيكون الأمر مسلِّيا.
قال الأرنب: صحيح؟ لم لا؟ سنجرِّبُ.
إختارا رُكنًا صغيرًا جميلا في الغابة واستقرَّا فيه.
عندما حلّ الليلُ، اختبآ، نامَ الأرنبُ على الفورِ، لكنَّ الكلبَ بقي منتبهًا... كانت هناك أوراقٌ تتساقطُ، وأغصانٌ تتقصَّف (تنكسر)، وطيورٌ ليليَّةٌ تمرّ، وفي كلِّ مرَّة كان الكلبُ ينبحُ.
لم يستطعِ الأرنبُ الصَّغيرُ أن ينامَ، غضبَ وقال للكلبِ:
- إذا لم تتوقَّفْ عن النُّباحِ سيسمعك الذِّئبُ وسيأتي فيلتهمُنا نحن الإثنين.
توقَّفَ الكلبُ عن النُّباح وأخذ يفكِّرُ:
" إنَّ رفيقي هذا ليس قويا، إنه خائف ! الذِّئب سيكون أفضل، لأنه يخيف الأرنب...".
وتركَ الكلبُ الأرنبَ الصَّغيرَ هناك ثمَّ ذهبَ للبحثِ عن الذِّئب.
بحثَ عنه وقتا طويلا، وفجأة رآهُ خارجًا من بين أشجارٍ صغيرة.
صرخَ الكلب: آهٍ أيُّها الذِّئبُ الرَّمادي ذو الأنفِ المدبَّبِ ...استمع إليّ، ألا تريد أن نعيش معا؟ سيكون أمرًا مسلِّيا.
قال الذِّئب: صحيح؟ لم لا؟ سنجرِّب.
عندما حلّ المساء، اختارا مكانا للنوم، لكن خلال الليل، انتبه الكلب لوجود حركة، فأخذ ينبح.
إنتبهَ الذِّئبُ بدورِهِ فقال للكلب:" توقَّف !حتَّى لا يسمعك الدُّب ويأتي فيلتهمنا نحن الإثنين..."
فكَّرَ الكلبُ:" هذا ليس أكثر شجاعة من الأرنب، إنَّه يخاف من الدُّبِّ الذي هو بالتَّأكيد أكثر قوة منه !".
وتركَ الكلبُ الذِّئبَ هناك، وذهب للبحث عن الدُّب.
بحثَ طويلا بين الأشجارِ والصُّخور، وهكذا، فجأة وجدَ نفسَه وجهًا لوجهٍ معه، إنه دبٌّ كبيرٌ أسمر.
"آه، أيُّها الدُّبُّ الأسمر، ألا تريد أن نعيش معا، سيكون الأمر مسليا"
أجاب الدُّبُّ: صحيح؟ لم لا؟ سنجرِّب !"
تجوَّلا طيلة اليوم، وعندما حلّ المساء نامَ الدُّبُّ بسرعة بينما بقي الكلب ينبح.
إنتبه الدُّبُّ وهو يرتجفُ من الفزع، وقال للكلب غاضبا:
- توقَّف الآن، حتَّى لا يسمعك الإنسان، ويأتي فيقتلنا.
فكَّر الكلب:" آه، حسنا، هذا ليس أفضل من الآخرين، إنَّهُ يخافُ من الإنسان؟".
وهنا هجرَ الكلبُ الدُّبَّ الذي عاد للنوم، وأخذ يفتِّش عن الإنسان.
لكنَّه بحثَ جيِّدا في داخل الغابة ولم يجدْهُ، لذلك خرج عند حدودِها وجلس ليرتاح، عندئذ رأى رجلا آتيا نحوه... كان حطَّابا جاء ليقتطعَ الأخشابَ.
عندما اقترب الحطَّاب منه قال له الكلب:
- إستمعْ إليّ أيُّها الرَّجل، أنت الذي أخفتَ الدُّبَّ الذي أخافَ الذِّئبَ الذي أخافَ الأرنبَ، ألا تريد أن تأخذني كرفيق؟
قال الرَّجل: ولم لا؟ تعال معي، وسنرى؟ !"
وأخذ الرجل الكلب إلى منزله.
عند المساء استلقى الرَّجل ونام.
في منتصف الليل، أخذ الكلب ينبحُ... لم يتحرَّكِ الرَّجل...نبح الكلب بقوَّة أكبر، عندئذ أفاق الرَّجل وصرخَ: آه أيُّها الكلب الجريءُ، كُلْ إذا كنت جائعا، أشرب إذا كنت عطشا، لكن اتركني أنام بسلام من فضلك !!!
فكَّر الكلب: إنَّه لا يخاف من شيء إذن !" أكلَ الكلبُ ثمَّ نام بدوره.
و منذ هذا الوقت، بقي الكلب رفيقا للإنسان.
تعليقات الزوار
1 .
الكلب يبحث عن ضديق
HASSIBA-IKRAM
ارجو التحميل
ikram-men@hotmail.com. - 2016-02-15 20:36:30 - BORDJ EL KIFFAN
2 .
شكر
ياسين سليماني
الشكر كل الشكر لكم أخي العزيز محمد على الدعم المتواصل وعلى الكلمات الراقية التي ذكرتها. منذ تعرفت على جمعيتكم/جمعيتنا :أصدقاء الأطفال العرب، ومنشوراتها الأكثر من رائعة وأنا أخصص لها حيزا كبيرا من وقتي، ولا أخفيك سيدي الفاضل أنّ مجلة الحياة للأطفال أصبحت أولوية عندي عندما أكتب أو أترجم، ذلك أنها من المجلات القليلة، التي يشرف عليها أدباء بحجمكم يعطون من وقتهم وجهدهم الكثير، ويمنحون للمبدعين أيا كانت مجالاتهم المكانة التي يستحقونها. بوركت أخي العزيز وشكرا للإقدار أنها عرفتني على أديب معطاء مثلكم.
- 2011-11-05 19:21:13 - الجزائر
3 .
طوبى لنا وللأطفال العرب بمترجم للقصص العالميّة بقامة ياسين سليماني!
الحياة للاطفال - محمد بدارنه
ما أروع أن يتقايض أطفال المعمورة بقصص شعوبهم! وتخيّل طفلا دانمركيّا يحلّق مع حكاية علي بابا وقاسم بابا أز طفلا يابانيّا يحلّق في أروقة الفضاءات لقصص شعبيّة المانيّة!
ما أروع الإنسانيّة وهي حضارة من فواكه الشّعوب أو آدابها!
وكلمة حقّ أنطقها : لولاك يا كاتبنا الرّائع ياسين سليماني لما طار الطّفل العربي على مجموعة كبيرة ورائعة من القصص الشّعبيّة الألمانيّة والفرنسيّة! فقد قمت بترجمتها بشحناتٍ معبّرة وهمساتٍ صادقة وحروفٍ عربيّة طافحة بالمعنى!
طوبى لنا وللأطفال العرب بمترجم للقصص بقامة ياسين سليماني!
طوبى لموقع الحياة للاطفال الذي ينعم بقصص قمت بترجمتها فزيّنتِ الموقع وباتت رحيقا لكلّ الاطفال كي يصنعوا منها شهدهم!