- حمار!.. غيرُ معقول.
فتحَ الباب، ونظرَ.. فعلاً "سليم" يقودُ حماراً، والحمارُ يحْرِن، ولا يسيرُ إلا بصعوبة.
- "سليم" .. ماذا تفعل؟
أجابَ "سليم":
- سأخبرُكَ يا أستاذ، سأربـِط الحمار، وأحضُرُ حالاً.
بعدَ قليل ٍ كانَ "سليم" عندَ باب ِ الصفِّ، وراحَ يشرحُ للمعلم:
- عندي فكرة ٌ رائعة ٌ يا أستاذ، دَلـَّني عليها جَدِّي، فعندما طلبتُ منه أن يَدُلـَّني على أحسن ِ عقوبة ٍ للكذاب حدَّثـَني عن عقوبة ٍ كانوا يقومونَ بها في القرية فيما مضى من الأيام، فأعجبتـْني الفكرة ُ كثيراً، نأتي بالكذاب، ونجعلـُه يركبُ على الحمار بالمقلوب، ويمسكُ ذيلـَه، ثم يدورُ به في شوارع القرية، وعلى رأسه طـُرْطـُور.
حبسَ المعلمُ ضحكتـَه، وحاولَ أن يوقفَ ضحكَ التلاميذ، وقال:
- يا "سليم".. تتأخـَّرُ عن المدرسة لتـُحضِرَ حماراً، أهذا معقولٌ؟
قال "سليم":
- ماذا أفعلُ؟ هذا الحمارُ حمارٌ فعلاً، لا يمشي بسهولة، إنه حَرون، لعله يفضـِّل البقاءَ في الإسطبل.
مازحَهُ المعلم:
- أنا أرى يا "سليم" أن الحمارَ غيرُ موافق ٍ على فكرتِكَ، إنه غيرُ راض ٍ عن العقوبة ِ كما يبدو، لهذا يَحرِن.
زادتْ القـَهْقـَهَة.
دَقَّ المعلمُ على الطاولة، وقالَ بوقار:
- اسمعوا يا أبنائي.. لن نقـُصَّ لسانَ أحد، ولن نستعملَ قضيبَ الرمان، ولن نـُرْكِبَ الكذابَ على الحمار بالمقلوب، هناكَ اقتراحاتٌ صحيحة، لكنَّ العقوبة َ قد تمَّتْ، أتعرفونَ كيف؟ إن الكلامَ الذي سمعناه هو العقوبة، فالإنسانُ تؤثـِّر فيه الكلمة، فالذي كذبَ موجودٌ بينـَكم، وقد سمعَ كلامَنا، ولن يعودَ إلى الكذب، أنا واثق، أليسَ كذلك؟
"نعم أستاذ !!"
نطقَ "وجدي" بهذه الجملة ِ من غير قصْد، فتوجَّهَتْ أنظارُ الجميع نحوَه بحركة ٍ واحدة، إذاً هذا هو الذي كذبَ على المعلم.
اِحمَرَّّ وجهُ "وجدي" خجلاً، وهمستْ له "سهر":
- لهذا لم تقدِّم ِ اِقتراحاً حولَ العقوبة.. يا عبقري!.
تصايحَ التلاميذ:
"الحمار!!.. الحمار!! أين الحمار؟"
وقفَ "سليم" في مكانه ِ بسرعة، فقالَ له المعلم:
- اجلسْ.. الحمارُ يعرفُ طريقَ البيت ِ أكثرَ منك!
لكن "سليم" لم يهدأْ تماماً، ظلَّ بالـُه مشغولاً، ويتمَلمَلُ في مكانه، وعلى الرغم ِ من كونِهِ مُجتهداً فقد أجابَ على سؤال ِ "ما هو حاصلُ ضرب ِ خمسة ٍ في خمسة؟"
أجابَ: "خمسة ٌ وخمسون"!!
لا تلوموه!! فقد نسيَ عقوبة َ "وجدي" وراحَ يفكرُ في عقوبة ٍ أخرى.. عقوبة ٍ من جدِّه.
بيان الصفدي
ولد عام 1956. السويداء. سورية
عمل محررا ً ثقافيا ً في دار ثقافة الأطفال / بغداد / منذ 1977حتى 1982.
عمل رئيسا ً للقسم الثقافي في جريدة "الثوري" اليمنية 1989- 1997في عدن وصنعاء.
عمل رئيسا ً لتحرير مجلة الأطفال "أسامة" 2003 - 2006 / وزارة الثقافة / دمشق.
أحد المساهمين في كلمات أغاني مسلسل "افتح يا سمسم".
كتب مسرحيتين للأطفال "المدرسة العجيبة" و "الخروف الصغير" أخرجهما في العراق عزي الوهاب.
كتب مسلسل الأطفال " المعاني" أخرجه للتلفزيون السوري المخرج عصام موسى.
دخلت أعماله في المقررات المدرسية في بلدان عربية عديدة بما فيها سورية.
لحن له للأطفال نجم عبد الله وعبد الحليم السيد وعبد الحسين السماوي وحسين قدوري وحسين نازك وسهيل عرفة.
كرم في الجمهورية التونسية ومُنح درع مهرجان صفاقس لثقافة الطفل في 29 آذار 2008.
من أعماله المنشورة في ثقافة الطفل:
حكايات جميلة ( 10) أجزاء. دار الآداب. بيروت. 1978.
الأغاني . شعر– اتحاد الكتاب العرب- دمشق- 1982.
التفكير بالمقلوب. قصص- 1984.
تحيا الشجرة – شعر – اتحاد الكتاب العرب – دمشق 1987.
من أغاني دارين. شعر ( بالاشتراك مع سليمان العيسى ) دار إيبلا- دمشق – 1989.
مغامرات مرجان ومرجانة – شعر - دار الحدائق – بيروت – 2003.
مختارات تراثية في الطفل والعلم والتعليم- وزارة الثقافة- دمشق 2006.
شعر الأطفال في الوطن العربي (دراسة تاريخية نقدية). وزارة الثقافة. دمشق 2008
قصص للأطفال. هدية "العربي الصغير" الكويت. عدد تموز 2009.
ذات نهار. شعر. دار الحدائق. بيروت 2009.