العيد في بلدتي
تهمسُ نسماتُ الفجرِ فيستيقظُ الأفقُ وتتلاحقُ أنوارُهُ فَتتَحَرَّكُ النّسوةُ وفي حركاتهنِّ خير وبركة ..حركةٌ تسايرُ إيقاع نغماتِ الصّبحِ .....وتسري بهنّ الخطواتُ إلى المطبخِ وهناكَ يطيبُ لهنّ حسنُ التّدبُّر ....و بانتشارِ الضّوء تفوحُ رائحة الطّعام ..أطباقٌ دأبتِ الأمّهاتُ على تقديمِها صباحَ العيدِ, لقد توارثتْها الأجيالُ ولم تملّها وكم تحلو لها ..هي أكلاتٌ شعبيّةٌ, هي أرزّ أو كسكسي أو شرمولة وسمك ....
وعندما تشرقُ الأرضُ بنورِ ربِّها تدبُّ الحياةُ في أرجاءِ المنزلِ, وتسري في دروب القرية و أرجائها.... وما أن يعودَ الرّجالُ من صلاةِ العيدِ ، يتبادلُ النّاسُ التّهاني بالعيدِ السّعيدِ ثمّ يلتمُّ شملُ الأهلِ والجيرانِ في بيت أحدهم, ويتحلّقون حول موائدَ مرصوصةٍ وأطباقٍ مصفوفةٍ وحلوى ومرطّباتٍ أعدّتْها أمَّهات بارعات ...
وما يكادُ ينتصفُ النّهارُ حتّى ينتهي إلى سمعِ الصّغار قبل الكبارِ إيقاعُ طبلة "المسحَّراتي ,أو "التنقام" فترى جحافلَ الأطفالِ في اتِّجاه الصَّوتِ متسابقينَ متلاحقينَ مهلّلينَ ليستقرّوا عندَ أحدِ المنازل حيثُ حلَّ ركب "الطَّبّال", هذا الذي جاءَ اليوم ليتقاضَى أجرَ مسافاتٍ قطَعَها وساعاتٍ طوالٍ سهرَها طيلةَ شهرِ الصّيامِ ليوقظَ النائمينَ لتناولِ وجبة السّحور...ولمّا تكون العشيّةُ تزدانُ الأنهجُ والشّوارعُ والطّرقاتُ بالبناتِ والبنينِ والأمَّهات والآباء وهم في أبهى زينة العيدِ, وتعلو وجوهَهم فرحةُ الإفطارِ في طريقِ الأهلِ والأقارب محمّلينَ بأطباقِ حلوياتِ العيد ....فعيدٌ سعيدٌ وعمرٌ مديدٌ أعادَهُ اللهُ على الأمّةِ بالخيرِ واليمنِ والبركة
عيد 2011
شرمولة جربة :عبارة عن مرق البصل والطَّماطم والفلفل الأحمر والزيت والملح.
أمّا السمك فيقلى بالكركم والكمون والملح قبل العيد بيوم واحد. وتؤكل شرمولة جربة بخبز أصفر اللون يسمى كسرة يصنع من الدقيق
نص فاطمة حامدي
مراحعة النَّص و صور رشاد قرفاله