الخطَّاط الفلسطيني محمد صيام
كتب اسم جريدة الاتحاد التي تصدر في حيفا
وما زالت الجريدة اسمها مكتوب بخط يدِهِ منذ عام 1943
مقتبس من مقالة للدكتورة عفاف محمد صيام
ولد محمد صيام في لفتا عند المدخل الغربي لمدينة القدس بفلسطين عام 1917، إلتحق في سنٍّ مبكرة في مدرسة لفتا/ القدس الغربية، حيث تعلَّم القرآن الكريم واللَّغة العربيَّة والحساب، ثم انتقل إلى مدرسة البقعة ودرس فيها لمدَّة أربع سنوات، ثمَّ في مدرسة التّمرين لمدة سنتين، ثم إلى المدرسة الرشيدية في القدس.
شغف باللَّغة العربيَّة وآدابها منذ نعومة أظفاره، وبالخطِّ العربيِّ بصورة خاصَّة فلقد اكتشفه الأستاذ الخطَّاط عبد القادر الشِّهابي الذي كان يدرِّسه في المدرسة الرشيديَّة
تعيّن محمد صيام في سلك التَّعليم فدرّس في مدرسة لفتا لمدة أربع سنوات.
سافر محمد صيام إلى مصر سنة 1934، ودرس في دار العلوم المصريَّة، ومدرسة تحسين الخطوط الملكية في القاهرة، وتلقَّى هذا الفنَّ على يد الخطَّاط الشَّهير الأستاذ سيد إبراهيم، وتعرَّف محمد صيام على أعلام الخطِّ العربيّ، منهم نجيب هواويني ومحمد حسني ومحمود عبد الرَّازق ومحمد علي المكَّاوي والشّيخ محمّد عبد الرَّحمن ومحمود الشحَّات وغيرهم
وقد منحه أستاذه سيد إبراهيم إجازة في الخطِّ العربيِّ، حيث كان عميداً لكليَّة تحسين الخطوط الملكيَّة في القاهرة عام 1940.
في نفس الوقت التحق محمد صيام بسلك التَّعليم، فكان يعمل ويدرُس اللغة العربية وآدابها والخط العربي، ثم انتقل إلى القدس بعد مدرسة لفتا، وفتح مكتباً له في القدس الغربية وبدأ يعمل، والجدير بالذكر أنه كتب اسم جريدة الاتحاد التي تصدر في حيفا وما زالت الجريدة اسمها مكتوب بخط يدِهِ منذ عام 1943
في عام 1952 أصدر ستَّة أجزاء لتعليم خطِّ الرّقعة لطلبة المرحلة الابتدائيَّة, وأسماه كرَّاس السّهل، وهذه الكرَّاسات يرشد فيها كيفيَّة التدرّب على كتابة الأحرف مع الرَّسم، وكيفيَّة استخدام القلم وما فوق السَّطر وما على السَّطر وما تحت السَّطر، ثم هناك ملاحظة هامَّة جداً أن يبدأ الطَّالب الكتابة في الكرَّاس من أسفل الصَّفحة إلى الأعلى, لتبقى عينيّ الطَّالب على ما كتبه محمد صيام ولا ينظر الطَّالب إلى ما كتَبَهُ هو في أسفل الصَّفحة حتى لا يكرِّر أخطاءه
بعد أن أنهى العَمَلَ سافرَ إلى مصرَ وبالصَّدفة كان سفرُهُ يوم 23/7/1952 يوم الثَّورة المصريَّة وقيام الجمهوريَّة, وأمضى ثلاثة أشهر أنجز فيها كل أعماله, إذ تحوّل عمله إلى كليشيهات جاهزة للطَّبع، وطبع الكرَّاسات في المطبعة العصريَّة بالقدس وكان صاحب المطبعة أنطون شكري لورنس وما زال له فندق لورنس الآن في القدس شارع صلاح الدين.
عملَ في سلكِ التربيَة وَالتَّعليم لمدَّة خمسينَ عاماً معلِّماً ومديراً في القدس، وَضَعَ عدة كراريس لِتعليمِ الخطِّ العربي: سلسلة كرَّاس السَّهل، ثم كرَّاس حدائقِ الخطِّ العربي، وَأقامَ عدَّةَ دوراتٍ، وألقى العديدَ من المحاضراتِ، كما أقام عدَّة معارضَ، وَكَتَبَ كثيراً من اللَّوحات الفنِّيَّة في جميع أنواع الخطِّ العربي، إلى أن طلب التقاعد
له كتيب بعنوان: "مضاهاة الخطوط"،
وهذا الكتاب يبحث في مضاهاة الخطوط والتَّواقيع والأختام والإجراءات التي يتَّخذها الخبير أثناء عمليَّة الاستكتاب والمضاهاة وبيان النقاط الفنية التي يعتمد عليها في النفي والإثبات، وهو الخبير في مضاهاة الخطوط وخبير دوائر الأمن العام الأردنية السابقة،
محمد صيام يروي رحلته مع الخط العربي:
"الخطُّ العربيّ يعني لي الهواء الذي أتنفَّسه، وكالدَّم يسري في عروقي, هو الجمالُ الذي استمتع، هوَ الغذاءُ الذي أغذِّي به روحي، هو كل شيء بالنِّسبة لي، إنَّه موسيقى دائمة العزف في نفسي وقلبي".
كان دائما يردِّد قول الخليفة العباسي المأمون حين قال:
"إذا فاخرنا الفرس بفنونهم وحضارتهم فإننا نفاخرهم بكثرة ما لدينا من خطوط".
محمد صيام والمسجد الأقصى:
يقول محمد صيام: "كنت أذهب إلى مسجد قبَّة الصَّخرة، وأمضي السَّاعات الطِّوال وأنا رافعاً رأسي أشاهد الخطَّ على قبَّة الصَّخرة، إلى أن تؤلمني رقبتي ثم أعود وأرفع رأسي وأتابع"، ويقول:
"أخذتْ مني وقتاً طويلاً سورة "يس" على قبَّة الصَّخرة وأنا أحدِق فيها وأمتعُ النَّظَرَ فيها، بالرَّغم من ألم رقبتي من طول النَّظر إلى الأعلى وفي كل مرَّة أعود".
يكنُّ محمّد صيام الحبَّ والاحترامَ إلى السيدة زوجته التي وقفت بجانبه, كرَّمها بأن أهدى كتابه رياض الخط العربي إليها عرفاناً بجميلها ووفائها، وقال في الإهداء :
"إلى شريكة حياتي إلى رفيقة دربي إلى مثال الوفاء والإخلاص إلى أم هاني أهدي هذا الكتاب".