مِنْ أدَبِ الَاطْفَالِ الهُولَنْدِي
بَطل كَرَة الْسَّلَّة
الْكَاتِبِهُ / د. يَسِرِيْهُ هَاوْجِيْسَ
تَرْجَمَةِ/ إكرام نَجْم
وَقَفَ( مَارْتِنْ) صلْبا أمام الْسَّلَّة فِي مَلْعَب كرَةِ السَّلَّة , وَسَدّدَ الكُرة مُحَقِّقَا هَدَفَ الفوز لَفَرِيقِهِ , صَاحَ الجَمِيعُ: فُزْنا بِالبطُولة , عَظِيم يَا( مَارْتِنْ ) حَصَدْنَا الْبُطُولَة .وَبَعْدَ انْتِهَاءِ المُبَارَاةِ وَاسْتِلامِ الكَأس أسْرعَ( مَارْتِنْ) مَعَ صَدِيقِهِ ( رِوتَغرِ) الَىَ غُرَفَة الثِّيَابِ وَارْتَديا مَلابِسَهُما وَرَاحَا يَرْكُضَانِ ويَمْزَحَانَ مَعَ بَعْضِهِمَا.
رَكَضَ ( مَارْتِنْ) خَارِجَ بِنَايَةِ النَّادِي, وَكَانَ مُسْرِعا وَنَادَى صَدِيقه: ( رِوتَغر) أسْرِع, لا بُدَّ أنْ نَذهَبَ سَرِيعا إلىَ البَيْتِ, فَوَالِديّ بِانْتِظَارِ قدومِي لِنحْتَقُلَ بِالفوْزِ ,
وَأسْرعَ بِاتِّجَاهِ دَرَّاجَتِهِ الهَوائِيََّة دُونَ أنْ يَنْتَبِهَ جَيِّدا, فَقَدِمَتْ سَيَّارَةٌ مُسْرِعَة وَصَدمته فسَقط أرْضا. هُرِع صَدِيْقَهُ (رِوتَغر) بِاتِّجَاهِهِ فَزِعًا ثمَّ تَرَكَهُ, وَعَاد إلى النّادِي يَطْلبُ المُسَاعَدَة. سَارَع مُوَظَّف الاسْتِقْبَالِ فِي النّادِي إلَى الاتِّصَالِ, بِسَيَّارَةِ الاسْعَافِ الَّتِيْ قَدِمَتْ بَعْدَ عَشر دَقَائِقَ وأقلّته إلى المُسْتَشْفى.
أسْرَعَ (رِوتغر) إلَى مَنْزِل صَدِيقِهِ (مَارْتِنْ) وَأخْبَرَ وَالِدَيْهِ بِمَا حَدَثَ لِابْنِهِمَا, فَاسْتقلّا سَيَّارَتهما وَأسرعا إلى الْمُستشْفى , وَلمّا وَصَلا إلى المسْتشفى شَاهدا ابْنهمَا( مَارْتِنْ) وَهُوَ حَزِينٌ ومتالِّم , وَكَانَ (رِوتَغر) وَاقِفا بَعِيدا بِانْتِظَارِهِ دُوْنِ أنْ يَعْرِفَ مَاذَا حَصَلَ لَهُ مِنْ جَرَّاءِ الْحَادِثِ : فَسَألَ وَالِد ( مَارْتِنْ): لِمَاذَا يَنْظُرُ هكدَا بِحُزْنٍ , مَا الذي حَدَثَ؟ أجَابَه وَالِد (مَارْتِنْ) سَتعرِفُ عِنْدَمَا نَذْهَبُ إلىَ المَنْزِلِ. حَمل وَالِد ( مَارْتِنْ) ابْنَهُ وَاجْلسهُ فِي الْسَّيَّارَة ,
بِرِفْقَةِ وَالِدَتِهِ وَ(رِوتَغر)وَانْطَلَقَا إلى البَيْتِ, وَعِنْدَمَا دَخَلوا البَيْتَ كَانَتْ عَائِلَة (مَارْتِنْ) وَجِيْرَانُهُ وَأصْدِقَاؤهُ بِانْتِظارِهِ, وَكَانَ الْبَيْتُ مُزَيَّنًا بِالبَالونَاتِ المَلوَّنَة وَأعْلامِ الزَّيْنَة , وَفِي الْوَسَطِ وُضِعَتْ كعكة مزيّنة وَحَلْوَى احْتِفَالا بِعَوْدَتِهِ سَالِمًا . اسْتَقْبَلهُ الجَمِيعُ وَهُمْ يَصْرُخُونَ : مرحبًا بِكَ فِي البَيْتِ ثَانِيةً , لَكِنّ ( مَارْتِنْ) لَمْ يَدْخُلْ مُسْرِعا إلى الْبَيْتِ عَلَى قَدَمَيْهِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ دَائِمًا, وَبَعْدَ أن جَلسَ بِمُسَاعَدَةِ أبِيهِ قَالَ أبوهُ لِلْحَاضِرِيْنَ بِألْم: لمْ أكُنْ أتوقّع أنّ حَادِثة كَهَذِهِ سَتَقَعُ لِوَلدِي , ( مَارْتِنْ) ولنْ يَستَطِيعَ السَّيرَ بَعْدَ الْيَوْمِ عَلى رِجْلَيْهِ . نَظَرَ الجَمِيعُ إليهِ بِفَزَعٍ قَائِلِيْنَ: أبدا!!!!
وَبَعْدَ أسَبُوْعَيْنِ اسْتَعَادَ مَارْتِنْ عَافَيْتَهُ وَعَاد إلى مَدْرَسَتِهِ, الَا أنَّهُ لَمْ يَعُدْ عَلَى دَرَّاجَتِهِ الهَوَائِيَّة أو مَاشيًا عَلى قَدَمَيْهِ بَلْ عَلى كُرْسِيٍّ بِعَجَلات ,
وَعِنْدَ دُخُولِهِ الْمَدْرَسة, دَخَلَ إلى قَاعةِ الألَعَابِ الْرِّيَاضِيَّةِ بِكرسيّهِ , وَأخَذَ يَتَأمَّلُ زُمَلاءه وَهُمْ يَرْكُضُونَ وَيَقْفِزُونَ وَّيَرْمُوْنَ بِالْكُرَاتِ فِي السَّلَّة , فَحَزِنَ كثيرا وَلاحَظَهُ مُدَرِّسُ الرِّيَاضَة فَاقْتَرَبَ مِنْهُ وَقَالَ : لا تَحْزَنْ يَا ( مَارْتِنْ) بِإمْكَانِكَ مُمَارَسَة لُعْبَتِكِ الْرِّيَاضِيَّةِ الْمُفَضَّلَة مِنْ جَدِيْدٍ . أجَابَه (مَارْتِنْ) بّأسى وَهُوَ يُشِيْرُ إلى الْكُرْسِيِّ مِنْ جَدِيدٍ :مُسْتَحِيْلٌ!!
قَالَ لهُ المُعَلمُ : بَلْ بِإمْكَانِكَ الانْتِسَاب إلى فَرِيق كَرَّةِ الْسَّلَّة لِلمُعَاقِينَ, وَبِذَلِكَ تَعُودُ لْلَعبتْكِ الْمُفَضَّلَة مِنْ جَدِيْدٍ . دُهِشَ ( مَارْتِنْ) وَصَاحَ : هَلْ حَقّا بِإمَكَانِي ذَلِكَ ؟
أجَابَه الْمُعَلّمُ : بِالتَّأْكِيْدِ سأنّظّم لَك مَوْعِدا مَعَ مُدَرِّبِ الْفَرِيقِ وَأرَافَقك إليْهِ . وَبَعْدَ يَوْمَيْنِ كَانَ ( مَارْتِنْ ) وَمُعَلِّمُ الرِِّيَاضَةِ مَعا فِي نَادِي كَرَة الْسَّلَّة لِلمُعَاقِين , وَلمَّا سَمِعَ المُدَرَّب النَّجَاحَات الكَبِيرَةِ الَتِي حَقَّقَهَا( مَارْتِنْ ) رَحّب بِهِ الْفَرِيْق . بَدَأَ إحْسَاس( مَارْتِنْ) الْقَدِيْمِ قَبْلَ تَعَرُّضِهِ لِلْحَادِثِ يَعُوْدُ إليهِ مِنْ جَدِيْدٍ , وَكَانَ وَالِدَاه فَرِحِيْنَ جِدّا لَهُ, لأنّه بَدَأ يَعُودُ لِحَيَاتِهِ الْطَبيعيّة, وَإلَى عشْقِهِ لكرَةِ الْسَّلَّة, بَعْدَ أن فَقَد الأمَل فِي الْحَيَاةِ. وَبَعْدَ أسَابِيع مِن الْتَّدْرِيبَات نظّمَتْ إحدَى الْمُسَابَقَات فِي نَادِي كرة الْسَّلَّة مَعَ وَاحِدٍ مِنْ أهمّ الفرق الهُولَنْدِيَّةَ , وَكَانَ والداه وَجَمِيعُ أصْدِقَائه بِجَانِبِهِ يُسَانِدُونهُ وَيُشَجّعُونهُ . وَقَبْلَ بَدْءِ المُبَارَاةِ قَالَ الْمُدَرَّب لمَارْتن: اليَومَ تقامُ وَاحِدَة مِنْ أهمّ الْمُبَارَيَاتِ!
آمل أن تُحَقِّقَ لَنَا الْفَوْز , لأنّ الفوز فِي هَذِهِ المُبَارَاة سَيَجْعَلُ فَرِيْقنَا مِنْ أهمّ الفرق الهُولندِيّة فِي كُرَةِ الْسَّلَّة . قَالَ مَارْتِنْ بِثِقَة: سَيَكونُ لنَا الفَوْزُ . وَبَدَأَت المُبَارَاة ,
وَكَانَ( مَارْتِنْ) وَلاعب آخر يُدْعَىَ (جَوي) يُسَدِّدَانِ الأهْدَاف فِي سَلّة الفَرِيق المُنَافِسِ وَيَمَلآن جَوّ الْمَلْعَبِ حَمَاسًا وَحَرَارَة , وَتَوَالَتْ الأهْدَاف حَتَّى جَاءَ الْفَوْزُ وَفَازَ فَرِيْق (مَارْتِنْ) بِالمُبَارَاةِ , وَتجمّع الْمُدَرَّبِونَ وَوَالديّ وأصْدِقَاء( مَارْتِنْ) حَوْلهُ مُبَاركِين وفَخُورِينَ بِمَا حَقَّقَهُ, وفجأة اقترَبَ رَجُلٌ مِنْ ( مارْتِنْ) وَزَمِيلِهِ(جَوي) وَقَالَ لَهُمَا : أنا مُدَرِّبُ الفَرِيق الْوَطنِيِ وَقَد اخْتَرَتُكَما ضِمْنَ الفَرِيقِ الأولْمبِيّ لأنَّكَما لَاعِبَان مُمْتَازَانِ , فَصَرَخ الإثْنَانِ فَرَحًا: نَعَمْ .. نَعَمْ ... وَهَكَذَا عَادَتِ الَّفَرْحَة والسَّعادَةِ وَالأمَل مِنْ جَدِيْدٍ إلى ( مَارْتِنْ) وَلَمْ تُنْهِ الْحَادِثَة أحلامَه فِي النَّجاحِ وَالْتَّفَوُّقِ .