عرّفنا بالعائلة ؟
*نشأت في كنفِ عائلةٍ بسيطةٍ همُّها أن توفِّر العيشَ لأبنائِها مثل باقي العوائل العراقية في ذلك الزَّمن, غير أنِّي كنت أحمل أسئلة كثيرة لا أجد من يجيبني عليها, فكنت أختلق إجابات افتراضيَّة تسكت إلحاحي, غير أنَّ هذا لا يطفئ ظمئي, وذات يوم وجدت كتابا مرسوما على غلافه صورة شاعر يلبس غطاء رأس يغطي قمة رأسه, وعندما تصفَّحته قرأت اسم محمد مهدي الجواهري ورحت اقرأ بتعثُّر, وأعدت القراءة مرَّات عدَّة, وحفظت بعض الأبيات الشِّعريَّة, وصار يلاحقني هاجسٌ غريبٌ لا أعرفما هو. وذات يوم أمسكت القلم لأكتب شيئا يشبه الشِّعر, وأخفيته خشية أن يوبِّخني أخي الكبير لأنَّني أهمل دروسي, وبعد فترة قصيرة دَفَعَني الفضولُ لملاحقة الكتب التي كانت تستهويني, شعرت وقتها أنني قادر على أن أقول شيئا جميلا وفعلا كتبت بعض القصائد بوزنٍ سليم .
متى كتبتَ القصيدة الأولى ولمن؟
*أول قصيدة كتبتها للأطفال هي قصيدة الوردة والحديقة وكان عمري عشرين عامًا، كتبتها في فترة ذهبيَّة للاهتمام بأدب الطفل، وكنت خائفا من عدم نجاحِها لكنّي شعرت بارتياح شديد بإنجازها. أرسلتها إلى ملحق تمّوز للأطفال وكم كان فرحي كبيرًا عندما شاهدتُها منشورةً تزيِّنها رسومُ الفنَّان الرائع رضا حسن. كانت هذه القصيدة نقطة انطلاقي نحو أدب الطفل الذي أعطيت له من جهدي الإبداعي مساحة كبيرة .
ماذا يضيفُ الشّعر في حياة أطفالنا؟ أو في حياتكَ؟
دائما شاعر الأطفال يختبيء في داخله طفل يحفِّزُهُ على اصطياد صورة من هنا وصورة من هناك, ليطلق عصافير محبَّته, فتشدو في رياض مزهرة ليتلقفَها الأطفال بفرح كبير, وهم يردِّدون الكلماتِ المصحوبةَ بالإيقاع, الطِّفلُ يحبُّ الشِّعر وخاصَّة في المرحلة العمريَّة الأولى كونه يحب الإيقاع بالفطرة, وما أغاني التَّنويم والتَّرقيص إلا دليل واضح على صحَّة قولي, ولكي يعطي الشِّعر سحرَهُ يبرز الإيقاع الخارجي بشكل واضح من خلال مصاحبة الموسيقى واللَّحن والصَّوت, الذي يتقن التَّوصيل بشكل جميل وأعني الاغنية التي غاب الاهتمام بها .
تتجلّى قصائدك بروح الطّفولة فمواضيعها عالميَّة وأسلوبها مباشر والحوار فيها غنيّ لدرجة أنّك صنعت من هذه القصيدة حزيرة جميلة مطرّزة بالمعلومات العلميّة!
ساقول لك بصراحة مطلقة أنا لا أكتب للأطفال بل أحاول أن أقترب من عالمهم المدهشِ الذي يجعلني أتنفّس هواءً نقيا وأختار المواضيع التي تدخل في نفوسهم الفرحَ من خلال المفردات التي يتداولونَها, متمثلة بقاموسهم اللغوي, ومن المؤكَّد أنَّ الطِّفل يحتاج إلى معلومة تساعدُهُ فيفهم ما يدور من حوله وأحاول قدر الإمكان الابتعادَ عن النَّصيحة المباشرة لأنَّ الطفل لا يحب النَّصائح التي تلاحقه في كل مكان, وبالتالي تحسِّسه أنَّه صفحة مليئة بالأخطاء! الطِّفل صفحة بيضاء وعلينا أن نتفهَّم كيفنؤسِّسها بشكل لا يربكه .
كيف ترتقي أشعار الأطفال بحيث تسكن قلوبهم وتحلّق معهم في عوالمهم؟
من المعروف ان الطفل يحتاج الى الشعر منذ بواكير ايامه فالام عندما تهدهد وليدها سواء بترقيصه او تنويمه فانها تتلو على مسمعه شعرا موزونا, فيستجيب بسرعة مستمتعا بنغمة الايقاع, فهو يحب الايقاع بشكل ملفت للنظر, بل هو ايقاعي بالفطرة والطفل يستجيب للتلقين المنغم, وعندما يبدأ بمرحلة فك طلاسم الحروف, من خلال التعليم, فانه سيجد صعوبة بالغة في قراءة الشعر دون الاعتماد على شخص يقرأه بشكل سليم, فالشعر يحتوي على مستحقات قد تضيع عندما نقرأه بشكل غير صحيح وهنا تكمن مسألة عزوف الاطفال عن قراءة الشعر في مطبوعاتهم, بالاضافة الى التلقين القسري أثناء الدراسة في نصوص لاتقترب من ميولهم وادراكهم مما يولد نفورا يلازمه طيلة حياته, الى جانب ذلك فان الكتب المدرسية وخاصة في المراحل الأولى لاتخلو من نصوص كتبت بطريقة مدهشة, واستطاعت ان تداعب خيالنا الطفولي فعلى سبيل المثال, اجد تأثير قصائد محمد الهراوي, وباقر سماكة, لاجيال متلاحقة, وبقيت قصائدهم مستقرة في ذاكرتنا رغم تقادم الزمن .
ما دور اللوحة المرافقة للقصيدة؟
نصُّ الاطفال يحتاج الى الرَّسم كضرورة ملحة لا كشكل يزين الصفحة من اجل انتباه الطفل الى تشكيلاته والوانه بالعكس اراه يسير بشكل متوازٍ مع النص لأن القراءة ستولد صورا في ذهن الطفل ومن الصعب تمثيلها بسهولة وهنا يقوم الرسام بهذا الدور المهم ليوفر له عناء ربط الاحداث وهناك اشياء كثيرة يقوم بها الرسام بحكم خبرته وثقافته من اجل شد انتباه الطفل .
كيف تتآلف اللَّوحة مع القصيدة وكيف تولد اللوحة ؟
هذا السُّؤال يطرح على رسَّام الأطفال, فهو الذي يقوم بترجمة النَّص صوريا, لكن بحكم خبرتي وتذوُّقي أستطيع أن أدلي برأيي الذي ربّما يكون ناقصًا. أرى أنَّ المهمَّة تقع على عاتق الرَّسام, فقد أطلق الكاتب النَّصَّ وأصبح في ملعب الرَّسام, الذي سيقرأه فيسينتجُ تولُّدات صوريَّة, هنا تكمن ضرورة أن يختزل الرَّسام الكثيرَ من الصُّور ليختار لقطة موحية من روح النَّصِّ.
مَنْ مِنْ شعراء الأطفال أحْبَبْتَ!؟
لقد حفر الشاعر باقر سماكة في قلبي كلماته الرائعة, فهذا الشاعر استطاع ان يداعب احاسيسنا وميولنا رغم قلة قصائده, إلا أنّه شكل ظاهرة كبيرة في الوطن العربي, وكذلك احببت قصائد الهرّاوي, وفاروق سلّوم, وخيون الفهد, وأسماء كثيرة جايلتها العراق طرح الكثير من الأسماء المهمة لا أستطيع ذكرها لأنَّني ربَِّما أنسى واحدا منهم للأسف هذه الأسماء بعضهاترك ميدان الكتابة لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن .
كيف ترى موقع مجلّة الحياة للاطفال؟
أراه موقعا مهمّا ومتميِّزا وجادَّا في تقديم كلِّ ما يخدم الطُّفولة, أتمنَّى له التَّوفيق والتقدُّم .
مسك الختام كلمة منك توجّهها للأطفال العرب عامّة عبر الحياة للأطفال
لا أريد من كلمتي أن أوجِّه النَّصيحة للطِّفل بل أوجَّهها إلى الحكومات أن تعتني بالطُّفولة, نحتاج إلى الكثير من أجل أن نعطي للطِّفل حقوقَه في الحياة, فهو امتدادنا وبِهِ نرى بهاءَ صورتِا .
سيرة ذاتية
محمد كاظم جواد شاعر عراقي مواليد 1957
ــ بابل ــاهتم بالكتابة للطفل نشر كتاباته في المجلات المتخصصه في هذاالمجال صدرت له مجموعتان شعريتان
ديوان صغير 1993 دار ثقافة الطفل
العازف الصغير 1995 دار ثقافة الطفل
له تحت الطبع مجموعتان شعريتان
كيف صار القنفذ فأرا؟
زوارق ومجموعة مخطوطة عنوانها تحية الفراشة
صدرت له مجموعة شعريه عنوانها الطائر الذي ابتل بماء الشمس عن دار رند ــ دمشق ــ
فاز بجائزة الشعر للاطفال في العراق عام 2006وعام 2008
فاز بجائزة تقديرية عام 2011
عضو اتحاد الادباء العراق
كتب عن تجربته الشعرية الكثير من النقاد