أخذتِ الفتاةُ الوعاءَ إلى أمِّها، وفَكَّرَتْ في أنَّه سَيُنْهي متاعبَهُما، وَيُنْهي فَقْرَهُما وَجُوعَهما, إذْ راحَتا تتناولانِ العصيدةَ الطيِّبةَ بالقدرِالذي كانتا تريدانِهِ.

في إحدى المَرَّات، خَرَجَتِ الفَتاة من المنزل، وقالت الأم: " وعائي الصَّغير، أطبُخْ !".

حينئذٍ بدأ الوعاءُ يطبُخُ، والأمُّ تأكُلُ حتَّى أنّهُ لمْ يعدْ هناك مكانٌ للجُوعِ، لكنَّها حينَ أرادَتْ أنْ يَتوقَّفَ الوِعاءُ، نَسِيَتْ ما يجَِبُ أنْ تقولَهُ لهُ، ولذلك استَمرَّ في طَبخِ العصيدةِ دونَ أنْ يَتَوَقّفَ.

فَفاضَتِ العصيدةُ، وَتواصَلَ ذلكَ، وأخذتْ تغزو المطبَخََ ثُمَّ ملأتِ المنزلَ

، فَالمنزلَ المجاوِرَ، ثم الشَّارعَ، واستمرَّتْ على هذا المِنوال حتَّى لكأنّ العام الخارجي سَيَمْتلئ بالعصيدةِ فَلا يبقى هناكَ شخصٌ جائعٌ.

نعم، لكنْ عندئذٍ بدأتِ المشكلةُ الكبيرةُ، ولمْ يعرفْ أحدٌ كيفَ يصحِّحُالأمْرَ، أصبَحَ الشَّارعُ طافحًا بالعصيدةِ، والشِّوارع الأخرى كلّها مليئة كذلك.

حينَها لم يبقَ أيُّ منزلٍ في المدينة، سوى واحِدٍ لمْ يمتلئْ.

دَخَلَتِ الفتاةُ إلى المنزلِ وقالتْ بكلِّ بَساطة:

" وعائي الصَّغير، تَوَقَّفْ !" فتوقَّفَ،

ولم تنتشرِ العَصيدةُ أكثرَ، ولكِنْ منْ كانَ يريدُ دُخولَ المدينةِ، كانَيستطيعُ تناوُلَ الطَّعامِ في الطَّريقِ.