مَنْ لمْ يَزُرْ حيفا ولمْ يَتَمَتّعْ يَوْمًا في حياتِهِ بجلسَةٍ مع الأهلِ والأصدقاء, في بقعةٍ خضراءَ مُدْهِشَةٍ في أحراشِ الكرملِ عامَّة ومنطقةِ سويسرا الصّغيرة خاصّة ,المقابلة لقرية عسفيا الرّائعةِ وجامعة حيفا الوادعةِ , فلنْ يستوعِبَ أبدًا لماذا بَكَتْ أسرةُ تحرير الحياة للأطفال وأسَرٌ عديدةٌ لا تُحصى ولا تعدُّ حينَ شاهَدَتْ عنْ قرب وعن بعدٍ النّارَ الحمراءَ تشتعلُ في الكرمل , في بقعة شامخة عزيزة منكَ يا وطني , وتأكل بلا رحمةٍ أجملَ وأطولَ أشجارَ الصُّنوبر والسِّنديان والبلُّوط .
ورغم أنّ حيفانا , العروسُ الكبرياءُ وآية الجمال, قد قرّرتِ الزّواجَ من البحرِ الأبيضِ المتوسّط منذ آلاف السِّنينِ إلا أنَّ زوجَها المخلصَ لم يسعفْها في لحظة الاعتداء الصّارخ إلا في اليوم الرّابع على اندلاع الحريق, بعدما أتتِ النّارُ كالمجنونة على خمسين ألف دونمٍ من أحراشِها بل قلْ أحراشِنا.
50000 دونما قد احترقت وأصبحت المنطقة سوداء لا خضراء.
مساحةٌ تعادلُ مساحَةَ سهلِ البطّوف في الجليل الأشمّ.
أكثر من 3000000 شَجَرة قد ودّعَتِ الحياة .
مئاتُ الحيوانات من غزلان وفئران وأرانب بريّة وأبناءَ آوى وكلاب وقطط قد لَفَظَتْ أنفاسَها الأخيرة وهي تئنُّ من ألمِ النيران المشتعلة فِي أجسادِها.
42 شخصًا قد لاقَوْا حتفَهم في قلبِ النَّار التي لم ترحمْ أجسادَ زائريها.
وهل ما زالَ أحَدٌ منكم يسألُ لماذا الدُّموع تذرَفُ على أحراشِ الكرمل المدهِشَة والآسِرَة في جمالِها؟
كنت أودُّ أن أصْحَبَكُم إلى أحراشِ الكرملِ الخضراءَ اليانِعةِ اليافعةِ الطّافحة بالحياة, لكنّ الأقدارَ تشاءُ أن أصحبَكم إلى رحلة غريبةٍ عجيبةٍ رهيبةٍ مرعبةٍ مع نيرانٍ لا ترحَمُ,
إليكم صورًا تحكي أكثرَ من الكلمات وتملأ النّفسَ آهاتٍ وحسرات:
تعليقات الزوار
1 .
الكرمل !
ميري خشيبون
هذه خساره كبيره للكرمل و جبالها الخضراء !
ماذا اقول الله يبعدها عن بلدنا يا رب ! يا خساره احترقت كتيير اراضي و راح الخضار ! بس انشالله متنعدش لكل البلاد ! و الله يرحم الي ماتوا بلحريق و يساعد اهلهن !