يطيبُ الحديثُ عَنْ ناصِرَتِنا، فَفيها يتآلَف المسجدُ والكنيسةُ على أنغامِ الأخُوَّةِ والمَحَبَّة

ومعاً يشكِّلُون أجْمَلَ سمفونيَّةٍ في حياة البشريَّة.

طوبى لكُلِّ الناصريِّين وطوبى للناصرة.

مدينة الناصرة مِنْ أجْمَل مدننا، وتعتبر عاصمة الجليل،

مرتفعة 400 متر عن مستوى سطح البحر، ومرتفعة 300 متر عن سهل مرج ابن عامر.

وقد وقَعَت الناصرة منذ عهد المسيح عليه السّلام، بينَ طريقين رومانيتين.

وكان من يحكم الناصرة يسيطر بِسُهُولَةٍ على سهل مرج ابن عامر.

للنّاصرة أهميّة ومكانة لدى المسلمين والمسيحيِّين، فقد ولدت فيها مريم العذراء،

وَبُشِّرَتْ بالسّيد المسيح، الذي نشأ في بلدة الناصرة آنذاك وقضى معظم حياته فيها،

لا بل عُرِف بالنَّاصري، ومن ثمَّ أصبح المسيحيون يحملون الاسم «النصارى».

يقصد الناصرة مثلما يقصد بيت لحم الآلافُ المؤلّفةُ من

الحجَّاج المسيحيين من شَتّى أرجاء المعمورة.

وفي المدينة احدى أكبر الكنائس الكاثوليكية في العالم العربي

أو أكبرها في منطقة الشرق الأوسط.

إنها كنيسة البشارة.

اسم الناصرة

قبل ظهور المسيح، كانت الناصرة تسمّى أم المغر،

ثمَّ حملت بعد ذلك اسم «الناصرة» لكثرة غاباتها ونضارة أغصانها.

تاريخ المدينة

الناصرة مدينة قديمة. ولم يرد ذكرها في التوراة،

وتدلّ الحفريات الأثرية أن الناصرة كانت مسكونة في العصر البرونزي المتوسط والعصر الحديدي.

وَرَدَ ذِكْرُ الناصرة في الأنجيل،

طبعاً مرتبطة بمريم العذراء والبشارة الكبيرة

بميلاد عيسى بن مريم الذي قضى معظم حياتِهِ في الناصرة.

وتشير الحفريات إلى أن أول كنيسة بُنِيَت في الناصرة هي كنيسة البشارة،

وكان ذلك عام 450 ميلادية.

دخلت المدينة في حوزة العرب عام 634م،

على يد القائد شرحبيل بن حسنة.

واستولى على المدينة الفرنجة ثم العرب ثم الفرنجة وهكذا حتى عام 1517م

حين أصبحت تحت الحكم العثماني. وبرز من حكامها

الأمير ظاهر العمر الذي اختار الناصرة مقراً ومسكناً له،

وما زال أحفاده أو قل أحْفَادُ أحفادِهِ يعيشون في الناصرة حتى يومنا هذا.

بني أول مسجد في الناصرة عام 1805م أو 1812 وكان يسمّى الجامع الأبيض.

من أهم الكنائس في الناصرة كنيسة العذراء

والتي يقال أنها أقيمت على بيت السَّيِّدة وكنيسة البلاطة وكنيسة سيّدة الرجفة

وكنيسة يسوع الشاب. وفي الناصرة العديد من الأديرة والكنائس الارثوذوكسية وغيرها.

بلغ عدد سكان الناصرة عام 1904م حوالي 17000 نسمة.

أما عام 1912م فبلغ حوالي 8000 نسمة وفي العام 1931م حوالي 29000 نسمة،

وفي العام 1945م وصل عدد سكان المدينة إلى 46000 نسمة.

أما اليوم فيفوق عدد سكان الناصرة عن السِّتين ألفاً من المسلمين والمسيحيين،

يعيشون في أُخوَّةٍ ووئام ومحبة وسلام.

لا يمكنُ الحديثُ عن النّاصرة دونَ ذِكْرِ

وَتَحيَّةِ شَاعرها وقائدها الرَّاحل توفيق زيَّاد الذي ضَحَّى من أجْلِها أغلى ما يملِكُ،

وكُلُّكُم يا أصدقائي تعلمونَ أَنَّه القائل:

وَأُعطي نِصْفَ عُمري للذي يَجْعَلُ طِفلا باكِياً يَضْحَك

نَشيدُ النَّاصرة

للشاعر: إدمون شحادة 

وَأَيْنَعَتْ أَزْهَار الجلال            وَأَشْرَقَتْ بِالحُسْنِ والدَّلال

 نَاصِرتي يا وَاحَةَ الوِئام والسَّلام 

دُروبُها قَلائد مُنَمَّقَة           بُيوتُها كَما الصُّبْحُ مُشْرِقَة 

لَا لُؤْمَ   فِي جُموعِها لَا تَفْرِقَة      فِي وَجْهِ كُلِّ غاشِمٍ مُنْغَلِقَة 

نَاصِرتي يا وَاحَةَ الوِئام والسَّلام

نَاصِرتي يا وَاحَةَ الوِئام والسَّلام

 تَلَأْلَئي بِرايَةِ المَحَبَّة     وَافْتَخِري بِعِزَّةِ العُروبَة

نَاصِرتييا وَاحَةَ الوِئام والسَّلام 

مَدينَةُ المَسيح والعَذْرَاء        يَحْرُسها الآباء والأبناء 

في وِحْدَةٍ تَنْمُو مَع الأخاء       والدِّين للإله في السَّماء

* الشاعر إدمون شحادة، ولد سنة1933 في ناصرتنا، درس في كلية التيراسنطه، غني بالمسرحية والنقد المسرحي، وقد فازت مسرحيته «الصمت والزوال» بالجائزة الأولى لمسابقة مجلس الفنون.