أنا هارون هاشم رشيد، وُلِدْتُ في مدينة غزَّة سنة 1925م، وكنتُ الثَّاني بين إخوتي الخمسة، نشأتُ في أسْرةٍ تحبُّ الأدَبَ، وتهوى الشِّعر؛ فأخي الأكبر عليٌّ، الذي وُلدَ سنة 1919م، كان شاعراً وله العديدُ من الدَّواوين، ومنها :
"أغاني العودة"،
وَديوان"شموع على الدّروب"،
وَديوان"فجر الرّبيع"،
وَديوان" الطُّوفان"،
كما ألَّفَ بعضَ المجموعاتِ القصصيَّة، منها:
" رصيف الدّموعَ"،
و"سرّ الرّاعي"،
و"قلب إنسان"
و"السَّبعة الذين شنقوا"، وغيرها.
كما كان أخي"أكرم" شاعراً أيضاً،
وأختي "سهام" شاعرةً،
وأختٌ أخرى لي كاتبةٌ وأديبةً.
ولكنَّ الأهمّ، هو أنَّ والدي، رحمهُ الله، كان من محبي الأدبِ والثقافةِ، ومن المشجعين لي ولأخوتي على القراءةِ وَالمطالعةِ، وَمَا زِلتُ أذكرُ كيفَ كانَ والدي مُغرماً بروايةِ سيرة عنترةَ بنِ شدَّاد.
تلقَّيتُ تعليمي، في مراحلِهِ المُختلفةِ، في مدينة غزَّة، وَتَخرَّجْتُ سنة 1947م، وكان لي الشرفُ الكبيرُ في ممارسةِ مهنةِ التدريس في مُعسكراتِ اللاجئين الفلسطينيِّين في قطاعِ غزَّة، فقد علَّمتُ في معسكرات: البريج، والمغازي، والرِّمال.
عَايَشْتُ القضيَّةَ الفلسطينيَّةَ، بكلِّ ما كانت تحملهُ من آلامٍ ومآسٍ، وكان لهذه القضيةِ وآلامها ومآسيها الأثرُ الكبيرُ في تفجيرِ ما كان يعتملُ في أعماقي من لواعجَ وأشجانٍ استطعْتُ أن أُجسِّدَها في أشعارٍ وطنيَّة، عبَّرْتُ فيها عن الإحساسِ الوطنيِّ الفلسطينيِّ، وما كان يعانيهِ في ظلِّ أوضاعِهِ الجديدةِ بعد عام 1948م.
عَملتُ في مناصبَ وَوَظائفَ مختلفَةٍ، من بينها وظيفةُ مديرٍ لمكتبِ إذاعة صوتِ العربِ بقطاعِ غزة، كما شاركتُ في تحرير بعضِ الصُّحفِ العربيَّةِ التي صدرت في غزة، مثل: غزة، واللواء، والرقيب، والوطن العربي.
إنتاجي الأدبي
قلْتُ الشِّعْرَ منذ صبايَ المُبكر، وكان الهمُّ الوطني شغلي الشَّاغل، فَخَصَصْتُ أشعاري، في معظمِها، للحديثِ عن قضيَّةِ فلسطين، والأحداثِ التي لحقت شعبَها، والآلآمِ التي عاناها هذا الشَّعبُ من جرَّاء قضيَّته.
وقد أصدرتُ عدَّة دواوينَ، سكبتُ فيها أحزاني، وأحزان أبناءِ شعبي على وطنه، وجسدتُ فيها مشاعرَ الألمِ، والضَّياعِ، والإغترابِ التي يعانيها أبناءُ فلسطين.
ومن هذه الدواوين
*مع الغرباء، سنة 1954م.
*عودة الغرباء،سنة 1956م.
*غزة في خطِّ النار، سنة 1957م.
*أرضِ الثوارتِ، سنة 1959م.
*حتى يعودَ شعبنا، سنة 1966م.
*سفينة الغضب، سنة 1968م.
*رسالتان، سنة 1968م.
* رحلة العاصفة، سنة 1969م.
* كما أصدرتُ قصةً بعنوان"سنوات العذاب" سنة 1969م.
وعلاوةً على ما سبق، فما زلتُ أكتبُ الشعرَ، لأنني أجدُ فيه سلوتي، وأجد فيه وسيلتي للتعبير عمَّا يجيشُ في خاطري من مشاعرٍ وإنفعالاتٍ. ولديَّ بعضُ الأعمالِ المخطوطةِ في هذا المجالِ، منها:
*ديوان شعر بعنوان: فدائيون.
*مزاميز الأرض والدّم، ببيروت، سنة 1970م.
*ولي دراسةٌ أدبيّةٌ بعنوان: الشعر المقاتل.
ولا أنسى أن أذكرَ، أنَّني أنا الذي نظمتُ النشيدَ الوطنيَّ لدولةِ البحرين، وقبل ذلك نظمتُ النشيد الوطني الفلسطينيَّ"عائدون"، وهو النشيدُ الذي استهللتُ به ديواني" عودة الغرباء" وفيه أقول:
عائدون عائدون
إننا لعائدون
فالحدودُ لن تكون
والقلاعُ والحصون
فاصرخوا يا نازحون
إننا لعائدون
وقد إعترف بقيمَةِ شعري وأهميَّتِهِ كثيرٌ من الباحثينَ والدَّارسينَ، ويحضُرني الآنَ ما قاله عنِّي الباحثُ يعقوبُ العودات، المعروف بالبدويِّ المُلَثَّمِ، في كتابه: من أعلام الفكر والأدب في فلسطين:
" يشكل"هارون" علامةً بارزةً في أدبِ النَّكبةِ، وهو من الرُّوادِ الأوائلِ في هذا المضمارِ، وشعرُهُ يُدرَّسُ في معظمِ مدارسِ العالمِ العربيِّ، وقد تناولتهُ أقلامٌ خصبةٌ بالدَّرسِ والتَّحليل".
وقبل أن أختتِمَ حديثي الموجزَ، أودُّ أن أُسجلَ بعضَ أشعاري الوطنيَّةَ، من بينها هذه المقاطعُ الشّعريةُ التي جاءت، في ديواني" مع الغرباء" مهداةً إلى اللاجئين:
إليهم... قصيدي وما أنظمُ وشعري وما في دمي يضرمُ
إليهم... إلى إخوتي اللاجئين إلى إخوتي يوم يدعو الدَّمُ
إليهم... وإن سكنوا في الكهوف وفوق روابي الأسى خيموا
وكتبتُ إلى أخي الفلسطيني أقولُ:
فلسطيني أنا إسمي فلسطيني
نقشتُ إسمي على كلِّ الميادينِ
بخطٍ بارزٍ يسمو على كلِّ العناوينِ
*وخاطبتُ الأختَ الفلسطينيةَ، مؤكداً لها حتميَّةَ العودةِ:
سنعودُ يا أُختاهُ للوطنِ رغمَ الشَّقاءِ وقسوةِ الزمنِ
رغم الليالي العابثاتِ بنا والجوعِ والتَّشريدِ والمِحنِ
سنشقُ أسفارَ الظلامِ غداً سنشقُها ونعود للمدنِ
سنسير بالفجر الجميلِ قوى جبارةً تقضي على الوهنِ
ولم أنسَ المناضلَ الفلسطينيَّ،
والأرضَ الفلسطينيةَ، فقد خاطبتُها بقولي:
بلادنا بلادُنا
من أجلها جهادُنها
من أجلها إستِشهادُنا
بلادُنا بلادُنا
وعلى أيِّ حالٍ، فإنَّ هذا الشِّعرَ القليلَ والقصيرَ لا يُغني عن قراءةِ دواويني الشِّعريةِ، أو بعضها على الأقلِّ، ففيها صورةُ الوطنِ، وصورةُ أبنائهِ، وفيها تصويرٌ للألمِ القاتمِ، وفيها تصويرٌ للأملِ المشرقِ، كلُّ ذلكَ بأسلوبٍ شعريٍّ إتِّسمَ بالواقعيةِ، والنغمةِ الشعريةِ المهجريَّة، والترانيمِ التي تُذكرُ بأبي القاسمِ الشَّابي، والتي لا تظهرُ فيها الصُّورُ الكلاسيكيةُ التقليديةُ للشِّعرِ.
تعليقات الزوار
1 .
اةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة
عربي
إن الامه في هذه الايام تحتاج الى رجال امثالك احبوا اوطانهم حتى النخاع