مقالة نشرت قبل 24 عامًا في الحياة للأطفال
إعداد هديل حمامة
التّراث الشّعبي الفلسطيني
الفنون الشَّعبية يا أحبتي تظلّ خالدة رغم الظّروف الصّعبة التي يمكن أن ْ تعترض حياة الشعوب.
الفنون الشَّعبية هي تعبير صادق لأحاسيس وحياة الشُّعوب.
نَشأتْ فُنونُنا الشَّعبيّة منذُ آلافِ السِّنين، واشتملتْ على الشِّعر، الموسيقا، الغناء، الرقص والدبكات، الحفر على الخشب والمعادن، نقش العاج والحجر، صناعة الفخّار والخزف، الزجاج، الغزل والنسيج، الطباعة والتطريز وغيرها.
صناعة خشب الزيتون
الزّيتونة، هذه الشّجرة المباركة، دائمة الخضرة, لم تعطِ الفلاَّحَ الفلسطيني من ثمارِها اللذيذة فقط، بل أعطته جمالَها الخلاَّبَ وافياءَها الرّائعة وزيتَها الصّافي المفيدَ وبقايا ثمارِها بعدَ عصرِها وقودا للمخابز الشّعبية والطّوابين. لكنّها أعطته أيضاً من خشبِها الذي يصلحُ للصِّناعات الفنيَّة والتراثيَّة. لقد بدأ الفلسطينيون يستغلّون خشب الزّيتون لصناعاتهم الخفيفة، وقد بدأ ذلك بأَن شكّلوه في أشكال جميلة ورصّعوه بالصَّدف أو المعادن. ويعود اختيار الحرفيِّين الى خشب الزَّيتون الى لونه الجميل، إلى قوّتِهِ ومقاومتِهِ للتسوّسِ، إضافة الى كونِها مقدّسةً لدى المسلمين والمسيحيّين على حدّ سواء، فقد ذُكِرَتْ شجرةُ الزَّيتون في «القرآن الكريم.. والتين والزيتون..». كما أنَّ المسيحَ عليه السَّلام قد ذرف دموعَه تحتَ شجرةِ الزَّيتون , لا بل يعتقد المسيحيُّون أنَّ المسيحَ صُلِبَ على صليبٍ من خشبِ الزَّيتون، ناهيكَ من أنّ أغصانها ترمز إلى السَّلام، فقد وردَ في إنجيلِنا في قصّة نوح أنّ «الحمامة عادت تحمل غُصن زيتون». وبدأ الحرفيُّون يصنعون من خشب الزيتون تحفاً فنية وتراثيَّة مثل منابر المساجد واجزاء من أثاث الكنيسة، بالاضافة الى أجرانِ القهوةِ وصناديق المجوهراتِ وعلبِ الأفراح وغيرها. كما امتزجتْ صناعةُ الصَّدف مع صناعة الخشب، فجاءَت العلب الخشبية والبراويز وأدوات الزِّينة والأساور مُحَمَّلَةً بالصَّدَفِ.
ونعني بالصَّدف تلك المادَّة المصنّعة من الهيكل الخارجي للحيوان البحري الذي يفرز مادَّةَ اللؤلؤ اللمَّاعة.