الخشخاش - دمُ الأرْضِ

زَهراتُ شقائق النُّعمان أو الخشخاش مِنْ أشهر الأزهار البريَّة المعروفةِ في بلادِنا وأجملها.

 مع تَباشيرِ فصلِ الرَّبيعِ تَكتسي الأرضُ بِخُضْرةٍ زاهِيَةٍ، تُسيْطِرُ على الطَّبيعة بِلونِها الهادئ وتبرزُ زهرات شقائق النّعمان لِتثيرَها. فَتَسطَعُ بلونِها الدموي الأحمر النَّاري وتتناسقُ مع الخضرة بِتكاملٍ لونيّ جميلٍ ومثير.

وصداقةُ اللونِ الأحمر مع اللون الأخضر تُعبّرُ عنها زهراتُ شقائق النّعمانِ في طبيعةِ بلادِنا منذ أقدمِ العصورِ، فحيكت الأساطيرُ ومنْ منّا لم يقرأ قصة «   ادونيس  » وكيف صرعَهُ الثُّور, وبكت أختُهُ قربَهُ حتَّى تحوّل دمُهُ إلى شقائق النّعمان بعدما سقط على الورد الأبيض فصبغه بلونِهِ.

إسْمُ شقائق النّعمان أخِذَ عنِ النّعمان بنِِ المُنذر ,الذي أعجبَ بهذِهِ الأزهار البريَّة وقد استعملَ المصريُّونَ القدماء هذه الأزهار في شعائرهم.

أزهارُ الخشخاشِ البريَّةِ التي يسيطرُ لونُها على مساحاتٍ رائعةٍ من الأراضي غير المزروعة، تعتبر ملكة أزهار الربيع البريَّة وصديقة الفلاح ودم الأرض، كما يحلو للبعض أن يسميَها. تعمّ الأرياف وتزينها بمناظر فولكلورية رائعة، فلونها يبعث على النَّشاطِ بحيويَّتِهِ الدَّافقةِ ولونِه المثير، وقد أعجب به العرب منذ القديم فاستفادوا من خصائصه الطبِّيَّةِ، واستعملوا بذورَهُ لأوجاعِ العين، وصنعوا منه كحلًا، كما استعمل كأدوية للسُّعالِ والإسهال، وأخذوا منه  «الأفيون»  الذي يُستعمل كمخدّر، واشتقُّوا منه عددا من المخدِّرات، كما استخرج الأوروبيُّون من بذره زيتا رقيقًا لصناعة الألوان الزيتية الثمينة . ويُزرع هذا النَّبات في حدائق أوروبا الشَّرقيَّة للإفادة من بذره في صنعِ بعضِ أنواعِ الحَلْوى، ومعروفٌ أنَّ لِزَيْتِهِ عدَّةُ فوائد طبية : مسهّل ومخدّر مقئ.

وَعَدَا جمال ألوان بَتلاتِهِ الحمر الحريريَّة الملمس، وبذوره البنفسجية الدَّاكنة التي تُستعمل في أغراض طبية، فإنَّ فيهِ نسغًا حليبيًا أبيض الّتي تُستعمل لتحضيرِ نقيع يهدِّئ السُّعال ويساعِدُ على النَّوْم.

وشقائق النعمان أعشاب حولية (سنويّة) شبه عالميّة تعرفها بلاد العالم، وهي تنتمي إلى الفصيلة الخشخاشيّة التي تحتوي على 25 جنسًا و 280 نوعًا، يختلف بعض أنواعها عن البعض الآخر بألوانه وأحجام بتلاته فهناك الأحمر القاني والدموي والأبيض والأصفر والبنفسجي، يكسو سيقان شقائق النعمان وبرٌ قاسٍ.

يحبّ الأطفالُ ألوان هذهِ الأزهار  في نُزُهاتهم خلال فصلِ الرَّبيع، ويقدِّمونها هدايا، فهي ترمزُ إلى الحبِّ والحيويَّة والنَّشاط والتَّقدميَّة. وتزرع برية ولا تحتاج إلى أية عناية.